كشعوب عربية يربطها الكثير من الأمور المشتركة يتبادر إلى أذهان العديد منا تساؤلات حول كيف أننا كدول عربية يُفترض أننا نتحدث لغة واحدة ، نمتلك العديد من اللهجات التي ربما لا نستطيع فهمها ، حتى بداخل دولة واحدة صغيرة يوجد الكثير من اللهجات المستخدمة ، بل إن معاني مفرداتنا تختلف وتتضاد في بعض الأحيان . فكيف ومتى أصبح لكل دولة عربية لهجة خاصه بها تسطتيع تميز الشخص من أي دولة ينتمي , حتى تكاد اللهجة أن تصبح لغة منفصلة ؟ .
هل تسائلت يوما عن سبب اختلاف اللهجات بين الشعوب العربية ؟ إليك الجواب
بالبداية كانت اللهجات العربية قبل الفترة الإسلامية ذات تنوع واختلاف في المفردات والأساليب والتراكيب. مع ذلك، كان هناك لهجة موحدة تستخدم في كتابة القصائد والعهود والمواثيق (فمن يقرأ معلقة عنترة بن شداد العبسي لايجد صعوبة في فهمها او لا يصعب في كتابتها وقد كتبت قبل 1500 سنة تقريبا). واستمرت اللهجة الموحدة بعد ظهور الإسلام وهي اللهجة التي نزل بها القران الكريم (اللغة الموحدة تعرف باللغة المشتركة إذ عرفت عند بعض الدارسين العرب القدماء والباحثين المحدثين بـ لهجة قريش). وكان هناك لهجات عدة قد تمثلت باللغة العربية المشتركة منها لهجة تميم واسد وقيس وبكر وتغلب ومذحج وقبائل اليمن. مع ذلك فهم يستطيعون التفاهم فيما بينهم بسهولة لكن يصعب قراءتها .
حاليا يصل الاختلاف بين ألسنة الدول العربية المختلفة، من مجرد تغير معنى اللفظ الواحد، إلى وجود مفردات كاملة للغة مصغرة، أو لنقل لهجة منفصلة، فنجد المصري يقول ماشي والعراقي يقول صار، والمغربي يقول واخ للتعبير عن الموافقة والمصري يقول أوي والجزائري يقول ياسر، والمغربي يقول بزاف والتونسي يقول برشا للتعبير عن الكثرة، وغيرها الكثير من الأمثلة.
الفرق الأكبر بين اللهجات العربية يكون بين لهجات البدو ولهجات أهل القرى والمدن وثم بين لهجات اهل الحضر في المشرق وولهجات اهل الحضر في المغرب،. تختلف لهجات العربية العامية كثيراً الآن في المفردات وفي الأصوات والنحو والصرف (في اللهجات الدارجة وليس في أصل اللغة الفصحى)؛ فمثلاً، في لهجات الشام العامية يبدأ الفعل المضارع بالسابقة "ب"، والنفي يكون باستعمال "ما" (أنا ما بعرف، أنت ما بتعرف، إلخ.)، أما دول الشمال الأفريقي فتظهر اللاحقة "ش" وتكون اللهجة المصرية وسطا بين الطرفين إذ تستخدم السابقة "ب" وتنفي باستخدام اللاحقة "ش" (أنا ما بعرفش).
من الظواهر الهامة: تشابه لغات العرب البدو في المشرق والمغرب بعيدا عن لهجات الحضر في كلتا المنطقتين، ويدخل في ذلك أيضا تشابه أغراض اللغة وفنونها ويبرز ذلك في الشعر الشعبي عند البدو في كلتا المنطقتين وتشابه تراثهم البدوي العام.
اللهجات العربية لا يزال الفهم سهلا ممكنا بين معظمها لتشابه المفردات في الأغلب. أدى الإنتاج التلفزيوني المصري والسوري واللبناني- إلى انتشار لهجات تلك الدول وإلى حد ما أصبحت تلك اللهجات مفهومة لدى غالبية الجيل العربي الحديث.
كيف تتكون اللهجات
بشكلٍ عام ، تتكون اللهجات وتختلف بسببين رئيسيين أولهما ؛ هو الانعزال بين بيئات المجتمع الواحد.
فالانعزال يكون بسبب التضاريس الجغرافية من جبال ، وأنهار ، وصحارٍ، وانعزال آخر بسبب اختلاف الظروف الاجتماعية داخل مُجتمع لغة واحدة. هذا الانعزال مهما كان نوعه؛ هو العامل الذي يفصل أبناء الشعب الواحد، ويُقلل الاحتكاك فيما بينهم . و يُباعد الانعزال بين صفات تلك البيئات اللغوية، و يُشعِّبها إلى لهجات متميزة.
السبب الثاني هو الصراع اللغوي نتيجة احتلال الدول لبعضها أو هِجرات إلى مجتمعات مختلفة .
قد يغزو شعب ما من الشعوب أرضاً يتكلم أهلُها لغة خاصة بهم ، فيقوم صراع عنيف بين اللغة الأم؛ واللغة الغازية. بالتالي؛ تكون النتيجة الحتمية إما القضاء على إحدى اللغتين قضاءً قد يكون تاماً، أو إيجاد وإنشاء لغة جديدة مُشتقة تجمع بين اللغتين “ الغازية والمغزوة " ..كما هو الحال في دول المغرب العربي .
الاختلاف
الاختلاف عادة يطال نطق الحروف، المعاني المرتبطة بالكلمات نفسها والتي تختلف بين دولة وأخرى، أي ان الكلمة نفسها قد تستخدم في بلد اخر بمعنى مختلف كلياً، اما الاختلاف الاخير فهو في التنغيم المصاحب لها.فيما يتعلق بالنطق والتنغيم هناك اختلافات جذرية فمثلاً حرف القاف يمكن اي شخص من معرفة جنسية محدثه فهو يلفظ (غ) في الخليج (قمر- غمر) حرف الجيم يلفظ في بلاد الشام وفي مصر (جميل- غميل) وقد يضاف اليه الدال في بعض المناطق الخليجية (جميل- دجميل).
كما يوجد تباين بين اللهجات العربية من حيث التنغيم ونسق الحديث. فاللهجة المصرية وبلاد الشام واضحة ورقيقة، مقابل تخيم مغربي وتقصير للمقاطع. اما اللهجات الخليجية فمقاطعه أطول بحيث يتم ابراز بعض الحروف على حساب غيرها.
السرعة في النطق يمكن ملاحظته لدى رصد الإختلاف في اللهجات العربية وهي لعبت دوراً في «إخفاء» بعض الحروف من الكلمات أو ابرازها والتشديد عليها.
تأثير الإسلام على اللهجات العربية
تعود دراسة مالانغ لتوضيح تأثير ظهور الإسلام على اللهجات العربية، فتقسمها إلى لهجات اندثرت، وماتت، لأنها كانت مذمومة ولم يبق من آثارها الكثير في الشعر الجاهلي، كما لم يهتم علماء اللغة الأوائل بتدوينها، ومنها: لهجة الكشكشة، وتفرض استبدال كاف المخاطب بالشين فيقال عليش بدلاً من عليك، وتحدثت بها قبيلة تميم، ولهجة الكسكسة، وتتضمن إضافة سين بعد كاف التأنيث، فيقال منكِس بدلاً من منكِ، وتحدثت بها ربيعة ومضر، ولهجة الشنشنة، وتتضمن إبدال الكاف شيئاً في المطلق، فيقال لبيش وليس لبيك وتحدثتها قبائل اليمن، وهنالك لهجة العنعنة ويتم فيها إبدال الهمزة بالعين، فيقال عن بدلاً من أن وتحدثت بها قبائل أسد وقيس وتميم .
في الوقت الحالي فإن للعربية كثير من اللهجات العامية المختلفة وليس للهجات العامية قواعد نحوية أو صرفية أو معاجم لمفرداتها وكلماتها أو طريقة لكتابتها وبعض اللهجات العامية تكون أقرب إلى الفصحى من اللهجات الأخرى .
تعليقات
إرسال تعليق