
قراءة في أحد أهم روايات أدب السجون - تلك العتمة الباهرة
• كاتب المقال : تارا حارث
تعد رواية (تلك العتمة الباهرة) من أشهر روايات أدب السجون في العالم للكاتب المغربي طاهر بن جلون والتي حصلت بنسختها الانجليزية على جائزة (دبلن للأداب) عام 2004 وعلى جائزة (أمباك الأدبية) عام 2000 وصدرت بنسختها العربية عن (دار الساقي)، كَتب بن جلون هذهِ الرواية من شهادة أحد السجناء (عزيز بنبين) وهو معتقل سابقاً في سجن (تزمامرت) في المغرب، كان متهم مع 23 سجين أخر بتنفيذ محاولة أنقلاب (أنقلاب الصخيرات) على ملك المغرب حسن الثاني في بداية السبعينيات.
اقرأ أيضا: روايات عربية ممنوعة في الوطن العربي
تدور أحداث هذهِ الرواية عن ما قاسوه في المعتقل حيث يصف بنبين "كان القبر زنزانة يبلغ طولها ثلاثة أمتار وعرضها متر ونصف ولايتجاوز أرتفاعها عدة سانتيمترات ولم يكن بإمكاني أن أقف فيها"، كان أسلوب الكاتب بليغ جداً ويصف على مدى حوالي 200 صفحة الحياة في المعتقل حيث كان المعتقل-الحفرة يقع على أرتفاع ألفي متر عن سفوح جبال الأطلس وألذي كان هو المسكن والمأكل والمشرب والحمام في ذات الوقت، ويتكلم عن موت رفاقه في المعتقل أمام عينيه ولم يقتصر على هذا فقط بل دُفنت الجثث برش الكلس الحارق عليهم لمحو أي أثر يدل على وجودهم في المعتقل، بعد ذلك كُتبت لعزيز حياة جديدة بعد خروجه من المعتقل بعدما تسربت أخبار بوجودهم في معتقل (تزمامرت) ومايحدث فيه من ممارسات لاأنسانية حيث ضغطت حقوق الأنسان في فرنسا على السلطات المغربية وأفرج عنهم ليروي فيها ماعاناه في المعتقل وليُذهل من رؤية وجهه في المرآة بعد ثمانية عشر عاماً حيث يقول"مضت ثماني عشرة سنة تقريباً لم أنظر خلالها الى وجهي في المرآة ولو مرّة واحدة. من او ماذا أشبه؟"، لم تدهشنا هذهِ الرواية بقدر ماأدهشت عزيز بصبره .
اقرأ أيضا: عداء الطائرة الورقية.. حكاية خرجت من افغانستان لتدخل قلوب الكثيرين
أنقسم قارؤا هذهِ الرواية الى قمسين فالبعض منهم أعجبتهم والبعض الأخر قال بأن الكتاب أستغل الواقعة لنيل الشهرة وأنه لم يتطرق إلى قضيتهم من قبل وبرأيي الشخصي هذهِ الرواية تذكرنا بإن أفعال الديكتاتورات واحدة مهما أختلفت الأسماء والأزمنة والأماكن، الجدير بالذكر إن الروائي (طاهر بن جلون) من مواليد 1-كانون الأول-1944، كاتب فرنسي من أصول مغربية يُعتبر من الكتاب المغاربة الذي يكتبون باللغة الفرنسية وله العديد من الأعمال في الشعر والقصة والرواية، تتميز أعماله بالطابع الفولكلوري القديم، جميع أعماله مكتوبة باللغة الفرنسية الإ ان العديد منها تُرجمت إلى العربية والأنجليزية. تلقى (بن جلون) تعليمه في مدرسة ثنائية اللغة (عربي-فرنسي) وقد درس الفلسفة في العاصمة المغربية ثم أتجه بعدها إلي فرنسا وحصل على شهادة الدكتوراه في علم النفس الأجتماعي، يشتكي (بن جلون) من الترجمة السيئة لكتبه في بعض الدول العربية وبدون علمه حيث يقول "لا يهم البلد الذي قُدم منه الكاتب، لكن ماذا سيحدث لو تُرجمت كتبي إلى العربية ؟ هنا يتعقد الأمر مما يؤدي إلى مشكلات فالترجمة ضعيفة و لا يكلفون أنفسهم بالأتصال بي أو حتى أعلامي، وأنيّ أحب مراجعة ترجمات كُتبي"يعتبر (بن جلون) نفسه من الأدباء الفرنسيين ويقر بأنه كاتب فرنسي وليس مغربياً رغم أن الفرنسيين لايعتبرونه كذلك وقد عبر عن أستياءه بهذا الصدد في مهرجان (الأدب العالمي- اللغة والمنفى) في لندن، فقد وجد أن كتبه معروضة في خانة الأدب الاجنبي لا الفرنسي وهذهِ النقاط توجه لـ (بن جلون) العديد من الأنتقادات حيث يعتبره البعض "متشدد للغرب"، من أهم أعماله (طفل الرمال) (ليلة القدر) (ليلة الغلطة) (ليلتئم الجرح) وروايات أخرى، حصل (بن جلون) على جائزة غونكور الفرنسية عن روايته "ليلة القدر".
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق