ربما سمعت عن رواية المسخ أو التحول التي قام بكتابتها فرانز كافكا، والتي تعد من أهم أعماله، ودرست في العديد من الجامعات والمعاهد، حتى إنها جذبت صناع السينما بالرغم من مرور 100 عام على نشرها لأول مرة في 1915.
رواية المسـخ .. جولة كابوسية في عقل فرانز كافكـا
لا تزال الرواية تستحق القراءة بما تحمله من معانٍ عميقة. كان يقول كافكا: “إننا نحتاج إلى تلك الكتب التي تنزل علينا كالصاعقة التي تؤلمنا، كموت من نحبه أكثر مما نحب أنفسنا، التي تجعلنا نشعر وكأننا قد طردنا إلى الغابات بعيدًا عن الناس”. وهذا ما فعله عندما كتب لنا “المسخ”، طردنا إلى غابات بعيدة جدًا، أو حتى إلى غرفة مليئة بالناس لكنك تعيش غريبًا عنهم كشخص منبوذ، كتب لنا قصة حطم بها كل ما هو مألوف، وأخذنا إلى عالم في قمة الغرابة عندما يستيقظ جريجور ويرى نفسه تحول إلى حشرة ضخمة.
دعنا فوراً ندخل إلى القصة.. إلى هذا العالم الغريب الذي ابتدعه كافكا.
تبدأ القصة حسب ترجمة الدسوقي فهمي ” استيقظ جريجور سامسا ذات صباح بعد أحلام مزعجة.. فوجد نفسه قد تحول في فراشِه إلى حشرة هائلة الحجم”. عندما يستيقظ جريجور بعد استغراقه مدة طويلة في النوم، ومعاناته من الأحلام المزعجة، يجد نفسه تحول إلى حشرة بشعة هائلة الحجم، يحاول هنا كافكا على ما أظن أن يصف لنا الشعور المزعج عندما يستيقظ الإنسان ويرى نفسه لم يعد كما هو ويصبح شخصاً آخر، أو أن يتحول حرفياً إلى شيء آخر غير ما كان عليه، أن يسمع صوته ويكاد لا يعرفه، أن تضيع شخصيته بالكامل.
كما تقول القصة أن جريجور كان يشعر أنه على ما يرام، لكن كان يوجد نوع من خمول غير مألوف وجوع غير عادي، لكن الصدمة تأتي عندما يجيب والدته ويسمع صوته لأول مرة بعد استيقاظه..
إنه صوته لكن مصحوباً بزقزقة مخيفة، هنا يدرك أن أمراً ما قد أصابه. يحاول كافكا أن يصف لنا التحول بطريقة ذكية جداً ويشرح لنا التفاصيل الدقيقة لهذا التحول بطريقة ممتعة ومزعجة في بعض الأحيان، بداية القصة والأحداث التفصيلية التي يمر بها جميلة مليئة بالتشويق، تجعلك مشدوداً بكامل تفكيرك لتفهم ماذا يحدث، وما هي مشكلة هذا البائع المتجول الذي يدعى جريجر، وماذا سيفعل.
تتألف القصة من فصلين؛ الفصل الأول يتكلم عن استيقاظه من النوم واكتشاف الآثار الغريبة التي تحدث معه، واكتشافه لهذا التحول الغريب الذي حدث معه بين ليلة وضحاها، التحول إلى هذه الحشرة العملاقة، وكيف يعاني ويحاول التأقلم مع هذا الجسم الغريب الذي أصبح عليه.
يصف لنا مقدار صعوبة قيام حشرة من النوم وهي مستلقية على ظهرها عندما تكون في حالة من العجز التام، الحشرة التي تحاول مرارًا وتكرارًا بكل قواها لتعود إلى وضعها الصحيح، وتستعيد التوازن. لكن ماذا يقصد كافكا؟ هل هو يعبر عن طريقة صعوبة استيقاظ حشرة عندما تكون مقلوبة على ظهرها، أم يعبر لنا عن طبيعة الإنسان الذي يشعر بالعجز ولا يريد الاستيقاظ؟ هنا كافكا وصف لنا الحالتين بطريقة ذكية جدًا!
الفصل الثاني يقص فيه كافكا بعد أن تحول هذا الشخص إلى حشرة قبيحة كيف تغيرت نظرة الناس له رأسًا على عقب، بسبب منظره الذي يثير الاشمئزاز. يصف لنا كيف بقي معزولًا في الغرفة لا يدخلها أحد، ويبقى أسفل سريره لا يرغب أن يراه أحد.
ويكلمنا عن أعباء الأسرة، وكيف تقوم الأسرة بتدبير أمورها بعد وجود هذا الكائن الغريب معهم، لكن هنا السؤال، ماذا يريد أن يوضح لنا كافكا في هذه القصة؟ هل التحول من شخص طبيعي إلى شخص شنيع بنظر الناس يغير من طباعهم رأسًا على عقب ويدفعهم لعزله في غرفة مع أنهم يعرفون من هو تمامًا؟ هل هذا التحول يؤثر كثيرًا على من حولك، هذا التحول الذي تلقاه رغمًا عنه؟
بالرغم من الإفاضة في التفاصيل إلا أن القصة قصيرة ربما تأخذ من الوقت 3 ساعات كمتوسط للانتهاء من قراءتها، تشعر بالملل في بعض الأحيان لكن يوجد إحساس عميق في داخلك يدعك تتساءل ماذا سوف يحدث بعد ذلك، أو ما هي نهاية القصة. الأحداث غير متوقعة طبعاً وهو أمر جميل جداً. القصة تتكلم عن الحياة عندما يعيش الشخص غريباً أمام الجميع، وغريباً أمام نفسه، هي تعبير عن شعور الإنسان بالعجز والذنب والعزلة.
قال الشاعر الأمريكي هيو هوغ أودن: “كافكا مهم بالنسبة لنا لأن محنته هي محنة الإنسان المعاصر”
وقال الكاتب الكولومبي غابرييل غارسيا ماركيز : “عندما أنهيت قراءة المسخ، شعرت بشوقٍ لا يقاوم للعيش في ذلك الفردوس الغريب. يومها حملت الآلة الكاتبة المحمولة محاولاً كتابة شيء من شأنه أن يشبه بطل كافكا المسكين يتحول إلى صرصار ضخم ”.
اقتباسات من رواية المسخ
- هل كان حيواناً إذا كان للموسيقى كل هذا التأثير عليه؟ لقد كان يحس كما لو كان الطريق قد انفتح أمامه إلى الغذاء المجهول الذي كان يشتهيه.
- ورغم كل الضيق، لم يستطع عند هذه الفكرة أن يكبت ابتسامة.
- فإن فكره من الأفكار لا يمكن أن تنقرض مهما كانت متطفلة، ما دامت قد وجدت ذات مرة، أو إنها لا يمكنها على الأقل أن تنقرض دون صراع رهيب، ودون أن تتمكن من تحقيق لنفسها دفاعاً فعلاً ينجح في أن يثبت طويلاً.
- ولا شك أن آبائنا الأولين عندما أخطؤوا، لم يكونوا قد توهموا على الأغلب أدنى وهم بأن خطأهم ذاك كان خطأ لا نهاية له.
المصدر : أراجيك
اقرأ ايضا
أفضل 5 كتب عن الأخلاق
أفضل مؤلفات فرانز كافكا
أفضل الكتب في علم نفس الأطفال
كتب تجعلك أكثر حكمه و ذكاء ودهاء
10 من أفضل الكتب الرائجه والأكثر مبيعا عالميا
تعليقات
إرسال تعليق