مؤتمر وارسو 2019 وإنعكاساته على منطقة الشرق الأوسط
بقلم سناء الزيود
هل الهدف الأساسي من هذا المؤتمر هو محاصرة إيران باعتبار أنها السبب الأساسي لـ"عدم الاستقرار" في المنطقة؟ أم الإعلان عن "صفقة القرن" وشطب القضية الفلسطينية كقضية مركزية للأمتين العربية والإسلامية، واعتبار الاحتلال الإسرائيلي السبب الرئيسي لاستمرار الاضطرابات في المنطقة، والعنصر الأهم في بيئة الاستنزاف التي تعيشها وتعزيز أنظمة الاستبداد وقمع الشعوب، أم الهدف هذان الأمران معاً معظم المؤشرات والتحركات ومخرَجات المؤتمر تشير إلى أن الهدف الأساسي هو شطب القضية الفلسطينية و قبول "إسرائيل" دولة طبيعية في المنطقة.
كان الموضوع الإيراني محوري في النشاط الأميركي والإسرائيلي في المنطقة، ومحاصرة هذا النشاط هدف كبير لهما، ولكن حتى هذا الهدف فإن الأساسي فيه هو خدمة بقاء واستقرار وهيمنة "إسرائيل" على المنطقة ومقدراتها. ثمّ ما هو المتاح فعله ضد إيران في المنطقة أكثر مما يُفعل حالياً، ولا سيما في ظل ضعف الدعم الدولي -وخاصة الأوروبي- للموقف والإجراءات الأميركية تجاه إيران.
أميركا و"إسرائيل" معنيتين باستمرار هذا الموقف "غير المحسوم" إقليمياً، من أجل استمرار استنزاف الجميع بما يخدمهم مصالحهم في المنطقة ثم إنّ متابعة السياسة الأميركية في المنطقة وخاصة في مناطق النزاع: أفغانستان والعراق وسوريا واليمن عكست رغبة وقدرة الطرفين (أميركا وإيران) على إدارة علاقتهما، بما يحقق مصالح الطرفين دون الوصول إلى مرحلة الصدام الكبير.
ركز الكثير من التصريحات داخل المؤتمر وخارجه وفي اللقاءات الجماعية والثنائية على التطبيع مع "إسرائيل"، وضرورة تجاوز الماضي "العقيم" والتطلع نحو المستقبل المشرق. كما أكد ذلك وزير الخارجية العُماني يوسف بن علوي في لقائه المباشر مع بنيامين نتنياهو و إن كثيرا من المسؤولين العرب بدؤوا يتحدثون بشكل يحمّل الضحايا (الفلسطينيين والعرب) مسؤولية فشل عملية السلام وعدم الاستقرار واستنزاف مقدرات المنطقة، ويبرر لدولة العدو ليس فقط الاستمرار في عدوانها على شعبنا وانتهاك مقدساتها، بل و"تطنيشهم" والسير قُدماً في إعادة ترتيب المنطقة على أسس جديدة، بغض النظر عن قبولهم لها من عدمه، حتى إنهم تجاوزوا ما توافق عليه العرب أنفسهم في المبادرة العربية عام ٢٠٠٢، كشرط لتطبيع العلاقة مع "إسرائيل".
على مستوى الأهداف المعلنة لهذا المؤتمر؛ نجد أن الإدارة الأميركية فشلت في الإعلان الرسمي لخطتها للسلام في الشرق الأوسط أو ما يسمى "صفقة القرن"، ولم يتم الإعلان عن أي خطوات حقيقية عملية جديدة في إطار مكافحة "التمدد الإيراني" في المنطقة لذا فالإعلان عن أنّ الهدف الرئيسي هو محاصرة إيران كان للتضليل فقط، لأنهم لم يعلنوا عن أي إجراءات ضدها أكثر مما يحدث الآن لقد كان الهدف الحقيقي هو الصورة الختامية للمسؤولين العرب وهم يقفون صفا مع نتنياهو.
تعليقات
إرسال تعليق