بصمات أنثوية : 4 نساء مبتكرات في التكنولوجيا
منذ أوائل لقرن التّاسع عشر وحتى يومنا هذا، لعبت النّساء أدوارًا حاسمة في تطوير التّكنولوجيا وظهرت إناث مبتكرات في التكنولوجيا لا تقل أهمية عن أقرانهن من الرجال، وعلى الرغم من ذلك، وحتى في وقتنا الذي يتميّز بالانفتاح والتحرّر، فإنّ النّسوة في هذا المجال لم تأخذ حقّها في المجتمع كأمثلة يحتذى بها، بالإضافة الى تقاضيهنّ رواتب منخفضة في صناعات STEM المختلفة.
فهل تعلم عزيزي القارئ أن علوم الحوسبة كانت تُعتبر دورًا أنثويًا أساسيًا؟ حيث تشكّل النّساء أكبر قوّة عاملة تقنيّة مدرّبة في صناعة الحوسبة ابتداءًا من الحرب العالميّة الثّانية وحتى السّبعينيات، حيث كان يُنظر إلى النّساء على أنّهن عاملات مثاليّات لتشغيل أجهزة الكمبيوتر، ولأنّ أغلب النساء كُنّ يتركن العمل لبدء أسرة في سنّ مبكرة، فإنّ المدراء لم يقوموا بتزويدهنّ بأيّ فرص وظيفيّة.
كانت المرأة هي التي تدير أجهزة الكمبيوتر الضّخمة المستخدمة للحساب وكسر رموز العدوّ أثناء الحرب، وكانت النساء تعملن وراء الكواليس لضمان قدرة الحكومات على جمع البيانات.
على الرغم من النجاح الباهر لهؤلاء المبدعات، إلّا أنّ المدراء الذكور بدؤوا بإخراج النّساء من الصناعة، وتمّ إعطاء أدوارهنّ للرّجال مقابل أجر أعلى بكثير، فلم تكن النساء بالنسبة لهم مصدر للثقة في العمل الفني الذي كنّ رائدات فيه أصلًا، حيث تمّ اتّهام Google بأنّها تقلّل من مرتّب النّساء بشكل منهجيّ، وفي الولايات المتحدة فقط 10٪ من النساء يشغلن أعلى الوظائف في الصناعة.
دعونا نتعرف في هذا المقال على أهمّ المبدعات في علوم التكنولوجيا والتطوير.
مبتكرات في التكنولوجيا
كيم سويفت Kim Swift
كيم سويفت هي مصمّمة ألعاب مشهورة، اشتهرت بعملها في شركة Valve لتطوير وتوزيع ألعاب الفيديو، وأثناء وجودها هناك صمّمت Portal، وهي لعبة ألغاز حازت من خلالها على شعبية هائلة، حيث فازت بالعديد من الجوائز بسبب الألعاب والتصميم المبتكر لها، ألّفت سويفت أيضًا Left 4 Dead، وهو الآخر من أكثر الكتب مبيعًا في Valve.
عادةً ما واجهت مصمّمات الألعاب الإناث وقتًا عصيبًا في هذا المجال، خاصةً مع جدل Gamergate، الذي شهد تعرص شخصيات بارزة مثل Brianna Wu و Zoe Quinn لاعتداء جنسي على أيدي المتصيّدين عبر الإنترنت، وبفضل شركة Gamergate، اتخذت ألعاب الفيديو وصناعات التكنولوجيا خطواتًا متقدمة لتهيئة بيئة داعمة للنساء والمتخصصين في المهن الثنائية والمتعددة الجنسيات.
آدا لوفليس Ada Lovelace
آدا لوفليس هي أوّل مبرمجة كمبيوتر في العالم، فقد كانت أوغستا آدا كينغ نويل كونتيسة لوفليس عالمة رياضيات وكاتبة في القرن التاسع عشر، ولدت في عام 1815 في لندن، وكانت الطّفلة الشرعيّة الوحيدة للشّاعر الرومانسيّ اللورد بايرون وزوجته ليدي وينتورث، وقد شجّعتها والدتها على متابعة اهتمامها بالرياضيات.
عندما كانت مراهقة، أصبحت صديقة لـ Charles Babbage الذي يُعرف باسم “والد أجهزة الكمبيوتر”، وبدأت العمل على جهاز الكمبيوتر الخاص به، وخلال هذا العمل، نشرت أول مثال لخوارزمية تستخدمها الآلة، حتى تنبّأت باستخدام أجهزة الكمبيوتر لتكوين الموسيقى.
على الرّغم من أن بعض كتّاب السّيَر والمؤرّخين دحضوا مدى مساهمة لوفليس في الحوسبة، فإنّ عملها قد مهّد الطريق لأعمال ألان تورينج على أجهزة الكمبيوتر الحديثة الأولى خلال الحرب العالمية الثانية.
توفيت لوفليس شابّة في سن 36 بسبب سرطان الرحم، وقد تمّ بيع نسخة أولى نادرة من خوارزميّة رائدة لها مقابل ما يقرب من 100،000 جنيه إسترليني.
غريس هوبر Grace Hopper
كانت غريس هوبر عالمة كمبيوتر وأدميرال في البحريّة الأمريكيّة، ولدت عام 1906 في نيويورك، وتخرّجت من جامعة ييل Yale بدرجة البكالوريوس والماجستير والدكتوراه في الرياضيات قبل أن تصبح أستاذة في كلية فاسار.
خلال المراحل الأولى من الحرب العالمية الثانية، حاولت هوبر الانضمام إلى القوات البحرية لكنها لم تنجح بسبب عمرها الذي كان 34 عامًا، ولأن عملها في فاسار كان مهمًا جدًا للمجهود الحربي، فقد طلبت إجازة من الكلّية ودخلت الاحتياطي البحري الأمريكي.
تم تعيينها كملازم في مكتب مشروع حساب السفن في جامعة هارفارد، حيث عملت على الكمبيوترات الكهروميكانيكية، وأثناء وجودها هناك نشرت Hopper فكرة لغات البرمجة المستقلّة عن الآلة، واخترعت المترجم الذي يحوّل الشيفرة المكتوبة بلغة برمجة واحدة إلى لغة أخرى، وأدّى ذلك إلى اختراع COBOL، وهي لغة برمجة عالية المستوى رائدة باللغة الإنجليزية تستخدم حتى يومنا هذا في Windows و OpenVMS و Unix.
واصلت هوبر رفع صفوف القوات البحرية الأمريكية، بعد 42 عامًا من العمل في البحرية، تقاعدت في عام 1986 وحصلت على وسام الخدمة المتميزة للدفاع. توفيت هوبر المعروفة باسم “النعمة المذهلة” و “الجدة كوبول” في عام 1992 عن عمر يناهز 85 عامًا.
الكثير من النساء اللواتي كن مبتكرات في التكنولوجيا لم يحصلو على الاهتمام والتقدير اللازم لهن. لذلك نأمل الوصول إلى مجتمع يؤمن مساواة عادلة بين الجنسين دون أي تفريق.
كاثرين جونسون Katherine Johnson
هيمن الرّجال البيض في ناسا في خمسينيات القرن الماضي، لكن بعض النساء الموهوبات كنّ قادرات على الارتقاء في صفوفهن بفضل عملهنّ الشاقّ والتحدي للوضع الرّاهن، ولعلّ أشهرهنّ هي كاثرين جونسون، التي لعبت حساباتها دورًا مهمًّا في أول رحلة فضائيّة مأهولة بالولايات المتحدة.
على رأس قائمة نساء مبتكرات في التكنولوجيا نجد جونسون، التي ولدت عام 1918 في ولاية فرجينيا الغربية، وأبدت استعدادًا ذهنيًّا كبيرًا لتعلم الرياضيات منذ سن مبكرة، وقبلت في المدرسة الثانوية وهي تبلغ من العمر 10 أعوام فقط.
لم تكن البلاد آنذاك تسمح للأطفال الافريقيين الامريكيين بالتعلم بعد الصف الثامن، لذا قام والداها بوضعها في معهد فرجينيا، والذي تخرجت منه في الرابعة عشرة.
أثبتت تميزها في علم الرياضيات في جامعة ولاية فرجينيا الغربية، وتخرّجت بدرجة علميّة ممتازة، وعلى الرغم من أنها بدأت حياتها المهنية في التدريس، إلا أن حلمها كان أن تصبح عالمة رياضيات بحثية، فعملت مع المنظمة السابقة لناسا، وهي اللجنة الاستشارية الوطنية للملاحة الجوية في قسم الإرشاد والملاحة التّابع لها.
انضمّت جونسون إلى مجموعة من النساء اللاتي أحبت أن تطلق عليهن لقب (الكمبيوترات بشرية)، ولكن على الرغم من أن الإدارة كانت مختلطة وفقًا لقوانين الفصل العنصري في الولاية، إلا أنّ جونسون وغيرها من الموظفين الأميركيين من أصول إفريقية اضطرّوا للعمل وتناول الطّعام واستخدام مرحاض منفصل عن زملائهم البيض.
على الرغم من التحيز العنصري والجنسي الذي عانته مع زملائها في العمل، فإن موهبتها في حساب الإسقاطات ونقاط الإطلاق ومسارات العودة الطارئة للمركبات الفضائيّة، جعلتها تصبح واحدة من أكثر النّاس احترامًا في مجالها، لدرجة أن أجهزة الكمبيوتر الرقمية استُخدمت لأول مرّة من قبل ناسا لحساب مدار جون غلين حول الأرض، وقد رفض غلين الطّيران حتى قامت جونسون بالتحقق من الحسابات.
عملت جونسون في وكالة ناسا حتى تقاعدها عام 1986، وفي عام 2015، منحها باراك أوباما الميداليّة الرئاسيّة للحريّة التي حصلت عليها وهي تبلغ من العمر 96 عامًا، واحتفل بإنجازات جونسون والنّساء الأخريات في مجموعة الحوسبة في فيلم Hidden Figures لعام 2016.
تعليقات
إرسال تعليق