رسائل الحب بين جبران خليل جبران و ماري هاسكل
بعد ما يقرب مرور قرن على وفاته، يظل الرسام والشاعر، والفيلسوف اللبناني-الأمريكي جبران خليل جبران ( 1883- 1993) أحد أجلّ أصوات الحقيقة والشفافية التي طرقت قلوب الناس حول العالم. لكن لم يكن ليكون هناك جبران الذي نعرف ونحب لولا راعية وداعمة الفنون ماري إليزابيث هاسكل - بطلته، ومساندته الدائمة، ومعشوقته التي لن تتكرر.
تقابل جبران وهاسكل يوم 10 أيار مايو1904، في استديو لصديق. كان يبلغ من العمر واحدًا وعشرين عامًا آنذاك بينما كان عمرها هي وحدًا وثلاثين عامًا. على إثر إعجابها بفنه، عرضت هاسكل إرسال جبران إلى باريس لتعلم الرسم، مع راتب 75 دولارا شهريا، وهو ما يعادل 2000 دولار اليوم. وقد قبل. في رسالة قصيرة إلى صديق قبل رحيله إلى باريس في 1908، وصف جبران هاسكل ب ''إنها ملاك يهديني إلى مستقبل مشرق يشقُ لي طريق النجاح الفكري والماديّ على حد سواء.'' بعد وصوله بأيام، خطّ جبران قائلا: ''إن اليوم الذي سأقول فيه، لقد أصبحت فنانا بفضل ماري هاسكل قادم لا محالة''.
لكنّ اليد الكريمة لماري هاسكل كانت تمتدّ من قلب مفتوح لا يقل كرما، من لطف وتحنان أعظم سرعان ما عشقه جبران. لقد رأى فيها ما هو أكبر من متبرعة - روحا معطاءة، امرأة لا مثيل لحنوّها، وفوق كل شيء، شخصًا مستعدًا للعبور إلى أعمق نقطة في روحه وتسلق أعلى قمة فيها لكي يفهمه، وهو الأمر الذي اعتبره أعظم مقياس للحبّ. من خلال كرمها هي وجد نفسه كفنّان، ومن خلال حبّها الأثير له وجد نفسه كرجل.
تتحدى هذه العلاقة، تصنيفات وتطويقات البسيط والمبتذل، إنها علاقة تشعّ حقيقةً ولا شك من ثرائها الساطع ومن تعقيد التورط العاطفي الذي امتدّ لعقود بينهما: الحب الهائل الأزلي الذي كنّه أحدهما للآخر، والذي يتفتّح للحياة في كتاب النبي المعشوق: رسائل خليل جبران وماري هاسكل، ويومياتها الشخصية. في إحدى رسائله الأولى إلى هاسكل من باريس، يلتقط جبران ما قد يكون أعظم هبة للحبّ، مهما كانت طبيعته - هبة أن يرى الآخر معدنك الأصيل:
في مساء اليوم التالي كان خليل هنا، ووافقت.. لكن في الربيع التالي، أخذت علاقتهما منعطفا متساميا ومميِّزا - كان القرار، راديكاليا ولا شك في حينه، ألا يتزوجا على أن يظل أحدهما للآخر الشريك الملاذ في الحياة. والسبب في ذلك، كما تضعه هاسكل بشاعرية مميزة في موضع آخر من يومياتها في شهر نيسان 1911، كان لفتة نبل أعظم وأجلّ:
في مساء اليوم التالي كان خليل هنا، ووافقت.. لكن في الربيع التالي، أخذت علاقتهما منعطفا متساميا ومميِّزا - كان القرار، راديكاليا ولا شك في حينه، ألا يتزوجا على أن يظل أحدهما للآخر الشريك الملاذ في الحياة. والسبب في ذلك، كما تضعه هاسكل بشاعرية مميزة في موضع آخر من يومياتها في شهر نيسان 1911، كان لفتة نبل أعظم وأجلّ:
في اليوم التالي، أوصلت ماري قرارها المتناقض عاطفيا إنما الحاسم فكريا إلى جبران قائلة له، ''يتوق قلبي لأن يقتنع. لكنني أعلم أنني في النهاية لا ينبغي أن أقتنع.'' وترفق رده في يومياتها:
"بعد دموع ذرفتها قبل خلودي للنوم كان الأمر كما لو أنّني كسرت بفعلتي هذه نورًا وهناءً عظيمين - وقد كنا في هذا سويا - لذا بكيت، '' حمدا لك، يا رب، حمدا لك!'' مرة تلو أخرى. واعترتني سعادة غامرة. كوني تخليت عن الزواج به كما أحسب. لكن هذا الأمر لم يفرقنا - حتى إنه قربنا من بعضنا أكثر من ذي قبل."
"بعد دموع ذرفتها قبل خلودي للنوم كان الأمر كما لو أنّني كسرت بفعلتي هذه نورًا وهناءً عظيمين - وقد كنا في هذا سويا - لذا بكيت، '' حمدا لك، يا رب، حمدا لك!'' مرة تلو أخرى. واعترتني سعادة غامرة. كوني تخليت عن الزواج به كما أحسب. لكن هذا الأمر لم يفرقنا - حتى إنه قربنا من بعضنا أكثر من ذي قبل."
بينما مضت الشهور ببطء، بدأت رسائله شيئا فشيئا تكتسب ذاك الخليط النادر من ولع الحنين الهائج وصلابة تآزر نابع عن رباط متين. يكتب لها في 31 تشرين أول أكتوبر، 1911:
بعدها بأيام قليلة، في ردها على قلق جبران من أن يكون مرضه الجسدي وما صاحبه من انسداد إبداعي قد خيبا ظنّها، ترسل هاسكل أجمل وأكرم تطمين يمكن أن يأمله إنسان في الحبّ:
في العام التالي، وبينما يستمر جبران في النضال، تضمن له هبة الحب المطلقة - الاحتضان المكافئ لظلامه ونوره الداخليين:
جبران خليل جبران، "روح النور" (مواقع التواصل الإجتماعي) |
مع مراعاتها إتقان جبران النامي للغة الإنجليزية، تضيف:
بعدها بعدة أشهر، في خضم اضطراره لأن يدفع عنه الخمول الإبداعي والروحي، يحاول جبران أن يكسو بالكلمات عِظَم امتنانه لهذه الهبة، هبة أن يُرى، ويُحبّ، في كلّه:
قبل أربع سنوات على صدور الطبعة الأمريكية لتحفة جبران القصيرة ''المجنون''، التي كتب فيها، ''لقد وجدت حرية الوحدة والأمان من فهم الآخرين لي، لأنّ أولئك الذين يفهموننا يستعبدون شيئا فينا،'' إنه يرى هاسكل كاستثناء وحيد على هذا الاعتقاد ويكتب لها في صيف 1914:
"حينما يعتريني الغم، يا عزيزتي ماري، أقرأ مكاتيبك. حينما يغمر السديم ''الأنا'' في داخلي، آخذ اثنتين أو ثلاثا من رسائلك من الصندوق الصغير وأعيد قراءتها. إنها تذكّرني بذاتي الحقيقية. إنها تجعلني أبصر كل هين وجميل في هذه الحياة. ينبغي لكل واحدٍ منا، يا عزيزتي ماري، أن يجد ملاذًا في مكان ما. وملاذ روحي جنّة غنّاء حيث تحيا معرفتي بك."
في يوم رأس السنة من ذلك العام، كتب لها:
"إنني أفكّر فيكِ اليوم، صديقتي الغالية، كما لم أفكّر في أي شخص آخر. وبينما تجولين في خاطري تصبح الحياة أفضل وأسمى وأشدّ جمالا. أقبل يديكِ، عزيزتي ماري، وفي تقبيل هذي اليدّ إنما أبارك نفسي."
طوال العام اللاحق، تكثفت العلاقة بينهما. تدوّن ماري مقتطفا محوريا من الأحداث في يومياتها في اليوم الذي سبق عيد ميلادها السابع والثلاثين سنة 1910:
"أمضى خليل الأمسية معي. وأخبرني أن أحبني ويريد الزواج بي إن أمكن، لكنني أجبت بأن سنّي قد جعل هذا الأمر مستبعدًا." قال لي: ''كلمّا حاولت الاقتراب منك أكثر بالكلام، كلما حاولت أن أكون شخصيا معكِ - تلوذين إلى مساحات بعيدة أعجز عن العبور إليها.'' ''لكنني آخذُك معي'' قلت. وقلت إنني أرغب أن تدوم صداقتنا، وخشيت إفساد صداقة رائعة من أجل علاقة حب محكومة بالفشل. كان هذا بعدما فسّر خليل مقصده.
"لقد بدا لي أنها اللحظة التي سيفتح فيها الباب ما بين خليل والعالم الذي سيكنّ له الحب وإلى القلب الذي سيحسّ دونما تردد أنه يلهمه في عمله. أعتقد أن مستقبله ليس ببعيد الآن! ولذا عزمت على أن أتبع ما بدا لي وأنه آخر نعماء الله - لقد عزمت القبول على أن أكون زوجته.
ومع ذلك وجدت نفسي في كل ساعة مرّت مذاك أغرق في دمع جواني، أعلم أنني محقة، وأن تلك الدموع كانت دموع الفرح، لا دموع الألم، بالمستقبل. لقد بزغ سنّي كحاجز بيننا ومانعًا لزواجنا. لا يقوم اعتراضي على سنّي - وإنما على حقيقة أن جبران ينتظر مني حبا يختلف عن ذلك الذي يكنه لي - كشفا للحب - وذلك سيكون زواجه. أعظم أعماله ستنبع منه - أعظم مسرّاته، حياته الجديدة، الكاملة. وهي ليست ببعيدة. ولكي يعيش جبران هكذا حب، فأنا لست سوى مرحلة. ومع أنّ عيناي المرهفتان تذرفان الدمع، إلا أنني أفكر فيها بسرور - ولا أريد أن أحظى بخليل، لأنني أعلم أنها تكبر من أجله في مكان ما من هذا العالم، وأنه هو نفسه يكبر من أجلها أيضا."
"ذرف دمعه وأعطيته منديلا. لكنه لم يهمس ببنت شفة. وبعد عدد من محاولات الكلام قال لي بانكسار، ''ماري، إنك تعلمين أنني لا أجيد الكلام حينما أكون في حالة كهذه،'' وبالكاد كلمة أخرى. ثمّ أردف قائلا أنه سيحبني. حينما انتهى الأمر فتحت له ذراعيّ وسرعان ما أخذني إلى ذراعيه هو، ولولا أن القلب أكثر من لحم لما أحسست بالارتياح(....) بعدها بقليل أرسيت شفتيّ على كتفه الأيمن - وفي تلك اللحظة اغرورقت عيناي بالدموع حقا - لكنها قربتني إليه أكثر. لقد قبلت تلك اليد الحانية كما كنت أتوق لأن أفعل دومًا، لكنني كنت أثني نفسي عن ذلك، لأن أدنى لمسة على يده تدفعه لتقبيل يدي (...) مجددا عند الباب بكيت قليلا - بينما مسح دمعي، قائلا وحسب، ''ماري - ماري - يا ماري.'' وبينما هو يهم بالذهاب قال بشق الأنفس،'' لقد منحتني قلبا جديدا هذه الليلة.''
''لطالما عرفت أن علاقتنا كانت دائمة،'' في تأمل لاحق لهاسكل في القرار. ''لقد أردت استمرارية ترابطنا الشعوري.'' هذه الفكرة التي تأتي من النبل الخالص لحبها غير التملكي، ستقود جبران أخيرًا إلى نصيحته الأزلية والرائعة من أجل علاقة صحية.
بعد مرور شهر على قرار عدم الزواج، يوجه جبران رسالة ''استمرارية الترابط الشعوري'' في رسالة إلى هاسكل من نيويورك:
''لقد جئت توا من المتحف. لا تعلمين كم أود رؤية هذه الأشياء الجميلة معك. يجب أن نراها سويا يوما ما. يعتريني إحساس ثقيل بالوحدة حينما أقف قبالة عمل فني باذخ الجمال. حتى في النعيم ينبغي أن يكون للمرء حبيب لكي يستمتع فيه كليا.. ليلة سعيدة، عزيزتي.. قبلاتي ليديك وعينيك." - خليل
مُتعبًا إثر إحدى وعكاته الصحية في حزيران، يكتب جبران لهاسكيل، التي أمضت صيفها في عزلة في جبال الغرب الأمريكي:
''الآن، يا عزيزتي ماري، سأرتاح. سأغمض عيناي وأدير وجهي إلى الحائط وأفكر وأفكر ثم أفكر بك أنت - أنت يا متسلقة الجبال - أنت يا عاشقة الحياة.. ليلة سعيدة، يا روحي.." - خليل
"إن رسالتك الأخيرة شعلة، شمس مجنّحة، موجة من تلك الجزيرة ذات الموسيقى الغريبة التي حدثتني عنها [...] أتعلمين معنى أن نحترق ونحترق، وأن نعرف أننا أثناء احتراقنا هذا، إنمّا نحرر أنفسنا من كل شيء حولنا؟ إن لا بهجة ترقى إلى بهجة النار! والآن دعيني أصرخ بكل الأصوات داخلي أحبك.." - خليل
إلى جانب بوحه الشغوف ثمة نبرة هادئة حانية تنبعث من أعماق كينونته، وهو الأمر الذي يصوغه بجمال في رسالة تعود إلى مطلع يناير كانون ثاني لعام 1912:
"الآن سأقول ليلة سعيدة، كما أرجو أن يكون أي وقت آخر. أقبلك وأقول ليلة سعيدة ثم أفتح الباب وأمضي إلى الطرقات بروح جائعة وقلب ممتلئ. لكنني دائمًا ما أعود لأقبلك وأقول ليلة سعيدة ثم أمضي إلى الطرقات بروح جائعة وقلب ممتلئ."
بشغف لا يقل شاعرية، تكتب هاسكل في ذات الأسبوع:
"عزيزي اليد، عزيزي العين، عزيزي الفكرة، عزيزي النار، عزيزي الذي أحب [...] إن كل ما أجدني مدفوعة لقوله، عوض كتمانه، لك أنت يبدو وأنه يتحلل إلى،''خليل، أنت في قلبي - أنت في قلبي، خليل.'' حينما أنظر ورائي على مر السنين، يبدو وأن الأمر كان كذلك دائما - وما تغير هو عمق وحرارة منزلتك في قلبي."
في الشهر التالي، تكتب:
"الرب يُقرضني قلبه لكي أحبك. وقد سألته قلبه حينما وجدت قلبي ضئيلًا جدا، وهو يحتويك بصدق، يترك لك حجرة ستكبُر."
في الربيع، تكتب هاسكل إلى جبران في نيويورك، مفرغة حبها الأثير وحنينها بالتوازي في رسالة يصلح أن تكون قصيدة:
"ماذا تكتب - وكيف يسير الأمر معك؟ وفيما تفكر - وكيف يسير الأمر معك؟ وفيما تريد أن تكلّمني - وكيف تسير أنت معك؟ ولماذا ليست ذراعاك بطول ستّ ساعات لكي تصلني إلى بوسطن؟ [...] ومتى ستأتي حلما ويصير الليل أحلى من ليل؟"
في شهر أكتوبر ذاك، يردّ جبران ''استمرارية الترابط الشعوري'' التي لطالما وثقت هاسكل أنها ستزهر بينهما على الرغم من أنهما، ولربما تحديدا لأنهما، اختارا عدم الزواج:
"إن أقوى شيء، يا ماري، هو أنني وأنت دائمًا ما نمشي سويًا، يدا بيد، في عالم جميل بكل غرابته، مجهول للآخرين. إن كلينا يبسط راحته لكي يتلقى من الحياة - والحياة كريمة ولا شك." في رسالة أخرى، يلتقط جبران الخطايا الصغيرة التي تعّرف الحب: "أحب أن أكون صامتًا معكِ، ماري".
"إنني لا أريدك حتى أن تكون شاعرًا أو رساما: أريدك أن تكون أيا ما كنت مدفوعًا أو منقادًا لتكونه [...] لا شيء ستصيره يمكن أن يخيب أملي؛ ليس عندي تصور مسبق أرغب منك أن تطلع عليه أو تستوفيه. ليس عندي تلك الرغبة في أن أتوقع لك، فقط أن أغوص فيك. لا يمكن أن تخيب أملي."
"عملك ليس وحسب الكتب والرسومات. هذه أجزاء صغيرة منه. عملك هو أنت، لا أقل منك، ولا أجزاء منك [...] في هذه الأيام حينما تكون أنت '' غير قادر على العمل'' تنجزه، وتكون جزءا منه، كالأيام التي تكون فيها أنت ''قادرا على العمل.'' لا فارق. إنها جميعا واحد. عيشك هو كل عملك؛ وأي شيء أقل هو جزء منه. - سيُقرأ صمتك مع كلماتك يومًا ما، ستكون ظلمتك جزءا من النور. "
"إن الأمر يشبه القرار في أعظم التنافرات في الموسيقى الرائعة. إنك تدرك استخدام مفردة قرار * (Resolution) في الموسيقى، أليس كذلك؟ - بالغة العمق والجمال- لكأنّها تصالح مع الحياة. وهل تعرف المفردة تصالح (Reconciliation) في هذا الاستخدام؟ بالنسبة لي هي أعمق وأثرى كلماتنا."
"أتمنى لو أخبرك، حبيبتي ماري، ما تعنيه كلماتك لي. إنها تخلق روحا في روحي. وأقرأها كرسائل من الحياة. بطريقة ما تأتي كلماتك دائمًا حينما أكون في أوج حاجتي لها، ودائمًا ما تجلب ذلك العنصر الذي يجعلنا نرغب بالمزيد من الأيام والليالي والمزيد من الحياة. متى كان قلبي عاريا يرتعد، أراني في أمس الحاجة لإنسان يخبرني أن ثمة غدا لكل القلوب العارية والخائفة ودائما ما تفعلين هذا، ماري."
"إن لديك هبة عظيمة هي الفهم، حبيبتي ماري. إنك كالروح العظيم، الذي يصحب الإنسان لا لكي يشاطره الحياة وحسب، وإنما لكي يضيف عليها. إن معرفتي إياك لهي أعظم ما في أيامي وليالي، معجزة خارجة على النظام الطبيعي للأشياء.
لطالما اعتبرت، في رواية المجنون، أن أولئك الذين يفهموننا يستعبدون شيئا فينا. هذا ليس معك. إن فهمك إياي هو الحرية الآمنة التي عرفت. وفي آخر ساعتين من زيارتك الأخيرة أخذت قلبي بين راحتيك ووجدت بقعة سوداء فيه. لكنك ما إن وجدت تلك البقعة حتى امّحت للأبد، وأصبحت بكل تأكيد حرا طليقا."
تعليقات
إرسال تعليق