لم يكن مسار التاريخ في حقبة ما أبدًا بمعزل عن الأفكار التي سيطرت على عقول البشر في وقتها، الأمر يتعلق بقدر أكبر من الأهمية حين يتعلق بكتب سطرت أفكارًا سيطرت ولا زالت تسيطر على حركة التاريخ، بل إننا لا نبالغ إذا قلنا أن الأفكار والمبادئ الواردة فى بعض الكتب تكاد تكون مسؤولة بشكل كبير عما آلت إليه حياتنا سواء بشكل مباشر أو بغير مباشر.
نستعرض فيما يلى 5 كتب أثرت أفكارها على مسار الحضارة الغربية منذ عصر النهضة ولاتزال تأثيراتها تتجلى إلى الآن، كما يجدر بنا التنويه أن اختيار هذه الكتب لا يعنى بالضرورة أنها الأكثر تأثيرًا على الإطلاق، كما لا نعني أنها الوحيدة التي تنفرد بهذا التأثير الكبير ، فروبرت داونز- مثلا- في كتابه “كتب غيرت التاريخ” قد رصد 16 كتابًا منها 10 كتب اجتماعية وأدبية و 6 كتب علمية واجتهد فى بيان تأثير كل منها على حركة التاريخ.
5 كتب أثرت كثيراً على الحضارة الغربية
1- كوخ العم توم / هارييت بيتشر
اشتهرت رواية كوخ العم توم عند صدورها، وتوالت طبعاتها وترجماتها شهرًا بعد شهر. ليس هذا فحسب، بل إن خمسمائة ألف امرأة إنجليزية وقعن خطاب شكر موجهًا إلى المؤلفة، وطبعت الرواية في ملايين النسخ وترجمت إلى لغات عديدة، ويعتقد الكثيرون أن كثيرًا من مبادئ إعلان الاستقلال تم استلهامها من أحداث ومواقف هذه الرواية.
لم تكن نظرية التطور لدارون بكل ما أثارته -ولازالت تثيره- من جدل مجرد فرضية علمية مجردة، فقد تم اعتبار نظرية داروين، بتلاوينها المختلفة، التي بدأت مع صدور كتابه أصل الأنواع عام 1859، أحد أهم أحجار الزاوية لما يعرف بـ”العقلانية الأوروبية” بحيث لم يتردد توماس كوين، في كتابه “بنية الثورات العلمية” في اعتبار ما فعله داروين نموذجًا لما تكونه الثورة العلمية التي وضعت منهجًا جديدًا في التفكيروالمقاربة للمسائل الأخلاقية والاجتماعية.
وبعيدًا عن النقاش العلمي لنظرية داروين ومن خلفه من التطوريين، تقوم نظريةداروين بصفة رئيسية على مبدأ الانتخاب الطبيعي والتي يعني الصراع على البقاء الذي يفوز به الأقوى أو الأفضل وهو المفهوم الذي طوره الفيلسوف الإنجليزي هربرت سبنسر إلى مقولة البقاء للأصلح.
لم تكن فكرة علم “اليوجينيا” الذي أسسه الانجليزي المتعصب فرانسيس جالون إلا امتدادًا طبيعيًا لأطروحات داروين، وتعنى اليوجينيا “التحكم في السلالة البشرية” لضبط معدلات الولادة و “تحسين” صفات البشر عن طريق ولادة الصالحين بيولوجيا فقط، بتشجيع الزواج المبكر لما يسمى “الأعراق الممتازة” فحسب، وحرمان غير الصالحين من الخروج إلى الحياة وهو مايعرف اختصارا بـ” الصفاء العنصري” ، هي الأفكار التى قامت عليها ألمانيا النازية التى أنشأت معهدًا علميًا حمل اسم غالتون. ووجدت في مقولات داروين وغالتون خير تأييد لمقولاته العنصرية عن تفوق أعراق معينة من البشر على غيرها، وهى المقولات التي بررت تعقيم ملايين النساء والرجال لئلا ينجبوا اولادًا يحملون «صفات دنيا»، إضافة إلى معسكرات الإبادة الجماعية، لليهود والغجر والبولونيين والروس.
يجمع بين جزء من السيرة الذاتية ونظريات هتلر النازية، نشر الكتاب عام 1926 ورغم أنه صنف وقتها من الكتب الناجحة -دعائيا-إلا أنه لا أحد كان يمكنه أن يتنبأ وقتها بأن أفكار هذا الكتاب سوف تتسبب بمقتل 40 مليون من البشر فى غضون أقل من عقدين.
يأتي الكتاب فى مجلدين بإجمالى 27 فصلًا، لم يتورع خلاله هتلر عن وصف مشروعه بالعنصري ودولته بالعنصرية، الدولة العنصرية بنظره هي أسمى أشكال الدول، والحضارة العنصرية هي الحضارة ، “فالعرق الآري هو أرقى الأعراق”، ومن وجهة نظر هتلر فإن اختلاط العرق الآري بغيره من الأعراق “قاد إلى انحطاط الحضارة البشرية”، كما كان هتلر حريصًا جدًا على شرح كل تفاصيل مشروعه بداية من الأفكار الرئيسية إلى الهياكل والتنظيمات إلى الرسائل الإعلامية والجماهيرية حيث أفرد هتلر فصولًا كاملة عن الدعاية والتحكم فى الجماهير تعد مرجعًا مهما لفهم فلسفة العمل الإعلامي والدعائي.
ورغم تراجع قيمة أفكار هتلر العنصرية إلا أن كتابه لايزال مرجعًا هامًا في فهم سيكولوجية البشر، وكيف يمكن لفكرة مريضة أن تجد لها أنصارًا بالملايين؟ وكيف يمكن للدعاية أن تستلب عقول البشر؟
وبعيدًا عن النقاش العلمي لنظرية داروين ومن خلفه من التطوريين، تقوم نظريةداروين بصفة رئيسية على مبدأ الانتخاب الطبيعي والتي يعني الصراع على البقاء الذي يفوز به الأقوى أو الأفضل وهو المفهوم الذي طوره الفيلسوف الإنجليزي هربرت سبنسر إلى مقولة البقاء للأصلح.
لم تكن فكرة علم “اليوجينيا” الذي أسسه الانجليزي المتعصب فرانسيس جالون إلا امتدادًا طبيعيًا لأطروحات داروين، وتعنى اليوجينيا “التحكم في السلالة البشرية” لضبط معدلات الولادة و “تحسين” صفات البشر عن طريق ولادة الصالحين بيولوجيا فقط، بتشجيع الزواج المبكر لما يسمى “الأعراق الممتازة” فحسب، وحرمان غير الصالحين من الخروج إلى الحياة وهو مايعرف اختصارا بـ” الصفاء العنصري” ، هي الأفكار التى قامت عليها ألمانيا النازية التى أنشأت معهدًا علميًا حمل اسم غالتون. ووجدت في مقولات داروين وغالتون خير تأييد لمقولاته العنصرية عن تفوق أعراق معينة من البشر على غيرها، وهى المقولات التي بررت تعقيم ملايين النساء والرجال لئلا ينجبوا اولادًا يحملون «صفات دنيا»، إضافة إلى معسكرات الإبادة الجماعية، لليهود والغجر والبولونيين والروس.
3- كفاحي / أدولف هتلر
يأتي الكتاب فى مجلدين بإجمالى 27 فصلًا، لم يتورع خلاله هتلر عن وصف مشروعه بالعنصري ودولته بالعنصرية، الدولة العنصرية بنظره هي أسمى أشكال الدول، والحضارة العنصرية هي الحضارة ، “فالعرق الآري هو أرقى الأعراق”، ومن وجهة نظر هتلر فإن اختلاط العرق الآري بغيره من الأعراق “قاد إلى انحطاط الحضارة البشرية”، كما كان هتلر حريصًا جدًا على شرح كل تفاصيل مشروعه بداية من الأفكار الرئيسية إلى الهياكل والتنظيمات إلى الرسائل الإعلامية والجماهيرية حيث أفرد هتلر فصولًا كاملة عن الدعاية والتحكم فى الجماهير تعد مرجعًا مهما لفهم فلسفة العمل الإعلامي والدعائي.
ورغم تراجع قيمة أفكار هتلر العنصرية إلا أن كتابه لايزال مرجعًا هامًا في فهم سيكولوجية البشر، وكيف يمكن لفكرة مريضة أن تجد لها أنصارًا بالملايين؟ وكيف يمكن للدعاية أن تستلب عقول البشر؟
4- ثروة الأمم / آدم سميث
يعد ثروة الأمم هو أول عمل كامل عن الاقتصاد السياسي، وقد تناول بالأساس قضية النزعة التجارية. وقد حاول من خلاله البرهنة على أن الفردية تؤدي إلى الانسجام الاجتماعي حيث يرى سميث أن التجارة الحرة بعيدة عن القيود والرسوم التي تفرض على الحرية الفردية في التجارة سينتج عنها التقدم البشري والاجتماعي وكان يطالب برفع يد الحكومة عن التجارة ويوجه انتقاداته بشكل أساسي إلى قيود نظام النزعة التجارية البريطانية على الحرية الفردية في التجارة ويرى أنها ليس من واجباتها فرض القيود والرسوم وإنما الدفاع عن العدالة وحرية الأمة، وهذا ما كان يعتمد عليه ويعتبره حجة للمطالبة بسياسة الفردية التجارية وعدم تدخل الحكومة في التجارة، فكانت أفكاره محطة بالغة الأهمية في نشوء مذهب الليبرالية الاقتصادية.
يرى سميث أن كل أمة أو شعب يملك القدرة على إنتاج سلعة أو مادة خام بكلفة أقل بكثير من باقي الدول الأخرى، فإذا ما تبادلت الدول هذه السلع عم الرخاء بين الجميع، تقوم اتفاقية التجارة العالمية على كسر الحواجز أمام انتقال السلع لكي تعم العالم، لكن انتقال هذه السلع يتفاوت من حيث الإنتاج والاستهلاك بين دولة وأخرى وبالتالي هناك دول مستفيدة اقتصاديًا أكثر بكثير من غيرها.
لم يكن كتاب سميث اقتصاديًا بالمعنى بالبحت، فآدم سميث يعرف ذاته كفيلسوف أخلاقي أكثر مما يعرفها كعالم اقتصادي وتقوم فلسفة سميث على الاعتقاد في سلامة وكفاءة النظام الطبيعي، وأفضلية هذا النظام على أي نظام صناعي آخر. ونجد تفسيرًا أوضح لهذه النقطة، في كتابه الأول نظرية الشعور الأخلاقي (1759)، فعنده أن السلوك الإنساني يخضع لستة بواعث: حب الذات، التعاطف، الرغبة في الحرية، الإحساس بالملكية، عادة العمل، والميل للمبادلة. واستخلص سميث من ذلك أن الفرد هو أفضل حكم على تقرير مصلحته الخاصة، ويجب بالتالي تركه حرًا في سلوكه. وقد أدى اعتقاد سميث في وجود نظام طبيعي إلى القول بأن هذا النظام من شأنه أن يحقق التوافق والانسجام بين المصالح الخاصة للأفراد مبينة وفقًا للبواعث المتقدمة وبين المصلحة العامة. وهذه هي فكرة “اليد الخفية عند آدم سميث” التي تعني أن الأفراد في سعيهم لتحقيق صالحهم الخاص يحققون -بدون أن يشعروا- المصلحة العامة.
بالطبع يبدوأن آدم سميث كان مغرقاً فى التفاؤل بشأن تلك اليد الخفية الكفيلة بضبط السوق وتحقيق المصلحة العامة، وعلى الرغم من أن سميث كان يعلم أن “السوق الحر” ليس جنة كما يعتقد الكثيرون إلا أن تطور الممارسات الاحتكارية لرجال الأعمال على مدى القرون الماضية كان أكبر مما يعتقد الكثيرون -وربما منهم سميث ذاته- حتى صارت الدول نفسها عاجزة عن التدخل لضبط الأسواق، بعد أن صار رجال الأعمال والشركات متعددة الجنسيات هم -فى الحقيقة- من يديرون الدول ويحكمون العالم وليس العكس.
5 - الأمير / نيقولا ميكافللي
تلخص أفكار ميكافيللي دومًا من خلال جملتيه الشهيرتين “في الأمور ينبغي النظر للغاية وليس للوسيلة “، “من الأفضل أن يخشاك الناس على أن يُحبوك” وبناء عليه فالفضيلة عند ميكافيللي ليست إلا مجموعة الخبرات التي يحتاجها الأمير للتعامل مع القدر، أي الأحداث الخارجية، وبالتالي فالفضيلة هي خليط من الطاقة والذكاء والقدرة على استغلال الفرص وليست قيمًا ناجزة ومطلقة.
الرؤية ذاتها تنعكس على نظرة ميكافيللي إلى الدين الذي يصوره بأنه “أداة ملكية”، أي وسيلة يمكن بها السيطرة على الشعب وتوحيده باسم العقيدة الوحيدة. فالدين في نظر مكيافيللي هو دين للدولة التي يجب أن تستغله لأغراض سياسية بحتة واعتبارية، وأداة يفرضها الأمير للحصول على موافقة الشعب العامة التي هي أساسية من أجل الوحدة ولبـُـعد رؤية الإمارة نفسها.
أحدثت أفكار ميكافيللي -ولازالت- ضجة كبيرة فى الأوساط السياسية منذ صدور الكتاب عام 1513 إلى الآن، وعلى الرغم من أن ميكافيللي كتب كتابه بشكل خاص من أجل لورينزو الثاني طمعًا فى حظوته للحصول على منصب أمين الجمورية -وهو ما لم يحدث- إلا أن أفكار ميكافيللي لاقت انتشارًا عالميا أكثر مما كان يحلم به، بل إن نظريته حول أهمية فصل الأخلاق أوالدين عن الممارسة السياسية تعد أحد أهم الأسس النظرية التي تسِم الفكر السياسي الغربي.
اقرأ أيضا :
- 18 رواية ينصح بها للشباب لدخول عصر القراءة
- أفضل 5 أعمال أدبية للكاتب الروسي فيودور دوستويفكسي
- روايات شهيرة تم حظرها عالمياً لأنها تناقش موضوعات حسّاسة
- رواية المسـخ .. جولة كابوسية في عقل فرانز كافكـا
- كتب ممتعة ستغيّـر نظرتك إلى عالم الرياضيـات
تعليقات
إرسال تعليق