على الرغم من معرفتنا أن الكون يتوسع ويتمدد منذ نشأته إلا أن دلائل جديدة أشارت إلى أن الكون يتوسع بمعدل أسرع مما كنا نعتقد كما أنه أصغر سناً , بما يتعارض مع ثابت هابل - أحد أهم الأرقام في علم الكونيات وهو مقياس رئيسي لعمر الكون ومعدل توسعه .
وعلى الرغم من أن العلماء اقترحوا لسنوات أن معدل التوسع الأسرع هذا صحيح , إلا أن القياسات الجديدة التي جمعها تلسكوب هابل الفضائي التابع لناسا عمل على تأكيد ذلك.
الكون يتوسع أسرع مما نظن ! اكتشف هذه الحقيقة
إن معدل التوسع الحالي كما جاء في الدراسة يتعارض مع معدل التوسع المفترض الذي حدث بعد فترة وجيزة من الانفجار الكبير قبل أكثر من 13 مليار سنة , والذي تم قياسه بواسطة القمر الصناعي بلانك التابع لوكالة الفضاء الأوروبية.
كان القمر الصناعي قادرًا على رسم خريطة للتوهج من 380،000 عامًا بعد الانفجار العظيم ، الذي يطلق عليه "الخلفية الكونية الميكروي" ، مما يسمح بالتنبؤ بتطور الكون.
يقول مؤلف الدراسة البارز آدم ريس ، عالم الفلك في جامعة جونز هوبكنز والذي حاز على جائزة نوبل للفيزياء لعام 2011 ، "إن الكون يتوسع بشكل يفوق كل توقعاتنا ، وهذا أمر محير للغاية".
حيث تشير قياسات الضوء المنبعثة من النجوم البعيدة إلى أن الكون يتسع بمعدل 9% بسرعة أكبر مما كان عليه في بداية الزمن , فاعتقد البعض أنه كان خطأً تجريبياً ، لكن بيانات جديدة من تليسكوب هابل الفضائي تؤكد جميعها أن المعدل الأسرع صحيح.
وباستخدام القياسات التي تم التقاطها من خلال تلسكوب هابل ، حسب ريس أيضًا أن عمر الكون يتراوح بين 12.5 مليار و 13 مليار سنة - أصغر من التقديرات السابقة التي تتراوح بين 13.6 مليار و 13.8 مليار سنة.
تلك النتيجة التي تم الإعلان عنها في تقرير جديد نُشر في المجلة الفلكية الفيزيائية Astrophysical Journal أحدثت جدلاً طويلاً حول ثابت هابل
وإذا ما تم التأكيد على تلك الحقيقة , فإن معدل التغيرهذا سيجبرنا على إعادة النظر في جوانب أساسية في علوم الكون .
ومن أجل جمع هذه البيانات الجديدة , قام هابل بقياس الضوء من 70 نجمة نابضة في مجرة مجاورة لنا هي - مجرة سحابة ماجلان الكبرى- , والتي تبعد 162000 سنة ضوئية , حيث تتمتع النجوم النابضة بمعدلات يمكن التنبؤ بها من نبضات الإشراق والخفوت , ويمكن استخدامها لقياس المسافات بين المجرات و وتُعرف تلك النجوم النابضة باسم المتغيرات Cepheid.
ولكن بما أن قياس النجوم قد يستغرق بعض الوقت ولا يحصل هابل إلا على فرصة واحدة لقياس كل نجم خلال كل مدار مدته 90 دقيقة حول الأرض.
قرر الباحثون دمج بيانات فريق هابل مع مجموعة بيانات من تعاون مشروع أراوكاريا بين علماء الفلك من شيلي والولايات المتحدة وأوروبا فكشفت القياسات الجماعية عن السطوع الحقيقي لنجوم السيفيد , وأظهر ذلك تناقض بين ثابت هابل والمسار الحقيقي لتوسع الكون الحالي .
لا يوجد أي تفسير لهذا التناقض ، لكن العلماء اقترحوا سيناريوهات تنطوي على مادة مظلمة غير مرئية أو طاقة مظلمة تساهم في هذا التسرع و التي ظهرت واختفت عندما كان عمر الكون 100000 عام فقط, لكن حتى الآن ، لم يتم التحقق من أي من هذه الأفكار, لذا قد تكون هناك حاجة لنظريات جديدة - وفيزياء جديدة - لفهم ما الذي ساعد في تشكيل الكون بالضبط, فهناك تناقض طويل بين المعدل النظري المحسوب الذي يجب أن يتوسع فيه الكون ، استنادًا إلى معرفتنا بالانفجار الكبير ، والمعدل الذي تخبرنا به البيانات العلمية عن توسع الكون الحقيقي .
بينما جادل البعض بأن هذا التناقض هو نتاج بيانات غير مكتملة أو بعض الأخطاء المرئية , لكن ريس ، وغيره من العلماء ، يعتقدون أن معدلات التوسع التي خلصت إليها كلتا الدراستين قد تكون صحيحة ، مما يعني أن معدل تمدد الكون قد زاد .
يقول ريس "نحن نقيس شيئًا مختلفًا اختلافًا جذريًا : الأول هو قياس مدى سرعة توسع الكون اليوم ، كما نراه , والآخر عبارة عن تنبؤ قائم على فيزياء الكون المبكر وعلى قياسات للسرعة التي يجب أن يتوسع بها "
هوامش :
لقياس السرعة النسبية للنجم ، يبحث علماء الفلك عن التحولات في ضوء النجم المنبعث , ولقياس المسافة ، يستخدم علماء الفلك مجموعة متنوعة من الأدوات الهندسية و الملاحظات الدقيقة للنجوم التي تسمى متغيرات Cepheid. هذه النجوم ساطعة وقاتمة بشكل منتظم ، ومعدل نبضات تلك النجوم يرتبط ارتباطًا وثيقًا بالسطوع الكلي للنجم: فكلما كانت النجمة أكثر إشراقًا ، كلما كانت النبضات بطيئة.
( إشعاع الخلفية الكونية الميكروي أو الخلفية المكروية الكونية أو إشعاع الخلفية الميكروني الكوني أو باختصار إشعاع خلفية الكون (بالإنجليزية: cosmic microwave background radiation) هي أشعة كهرومغناطيسية توجد في جميع أركان الكون بنفس الشدة والتوزيع وهي تعادل درجة حرارة 2.725 درجة كلفن, فعندما نشاهد السماء بالمقراب نرى مسافات واسعة بين النجوم والمجرات (الخلفية) يغلبها السواد، وهذا ما نسميه الخلفية الكونية. ولكن عندما نترك المقراب الذي نرصد به الضوء المرئي، ونمسك بتلسكوب يستطيع رؤية الموجات الراديوية، يصور لنا ضوءا خافتا يملأ تلك الخلفية، وهذه الأشعة لا تتغير من مكان إلى مكان وإنما منتشرة بالتساوي في جميع أركان الكون.
تعليقات
إرسال تعليق