تأخر الطفل في الكلام من الأشياء التي تُسبب القلق للأبوين- الذين يعتقدون أن طفلهما قد يكون مصاباً بخللٍ ما يمنعه من البدء في الكلام وفقاً لمرحلته العمرية، ويعود السبب في هذه الظاهرة إلى عدة أشياء، البعض منها يستدعي القلق، وإجراء الفحوصات الطبيّة والمخبريّة، والبعض منها طبيعيٌّ ولا يوجد مبرر للقلق تجاهه، والجدير ذكره أنّ كلّ طفلٍ هو حالة خاصة، وليس من الجائز مقارنته بغيره من الأطفال حتى لو كانوا إخوته أو أقاربه، علماً أن الأطفال الإناث بشكلٍ عام يتكلّمن أسرع من الذكور.
تأخر الكلام لدي الأطفال أسبابه وطرق علاجه
هناك تفاوت بين القدرات التي يمتلكها الأطفال في العديد من الجوانب التي تمرّ بهم وبحياتهم في مرحلة الطفولة، كالتفاوت في البدء في الكلام، فهناك أطفال يتكلّمون في سنّ مبكّر من طفولتهم، وهناك قسم آخر يتأخّرون في الكلام مقارنة مع غيرهم من الأطفال، وفي بعض الحالات يكون التأخّر أمراً طبيعياً ولا يحتاج إلى القلق، ويكون ناتجاً عن عدم قيام الأهل بالحديث بشكل متواصل وكبير مع الطفل، وحالات أخرى يكون التأخّر لسبب غير طبيعي ويحتاج إلى متابعة ومعالجة من قبل الأهل، حتّى يتمكّنوا من حلّ مشكلة تأخّر الكلام عند طفلهم، وجعله قادراً على الكلام بالشكل الطبيعي.
عند الأطفال تختلف أعراض تأخر الكلام عند الطفل بحسب عمره، وذلك لأن التّأخر عند طفل بعمر السنتين يختلف عن التأخر بعمر الثلاث سنوات أو أكبر، فعلى سبيل المثال، لا يمكن أن يشخّص طفلٌ على أنّه متأخر بالكلام لمجرّد أنّه لا يسأل سؤالًا واضحًا بعمر السنة، فكل عمر له ما يناسبه من المعايير، ومن الأعراض الموجّهة والتي قد تدل على مشكلة تأخر الكلام عند الأطفال ما يأتي:
عدم الثرثرة بعمر 15 شهرًا.
عدم التّكلم بعمر السنتين.
عدم القدرة على التّحدث بعبارات قصيرة -من ثلاث كلمات- بعمر الثلاث سنوات.
صعوبة تتبّع الاتّجاهات والإرشادات.
صعوبة باللفظ أو بالوصول للتعبير اللفظي المناسب.
صعوبة وضع الكلمات بتناسق صحيح في حملة واحدة.
إهمال بعض الكلمات في الجملة.
يعاني معظم الأطفال من صعوبة الكلام بسبب تواجد مشاكل في مناطق الدماغ المسؤولة عن الكلام، مما يجعل من الصعب على الطفل تنسيق الشفاه واللسان والفك لإنتاج الأصوات، كما ومن الممكن معاناة هؤلاء الأطفال مع مشاكل أخرى متعلقة في الفم مثل صعوبات التغذية،حيث تتمحور هذه المشكلة في حدوث اعتلال الكلام عند الأطفال، كما قد يعاني الطفل من مشاكل في التحكم في العضلات وأجزاء من الجسم التي تستخدم للتحدث، وقد تتواجد هذه المشاكل من تلقاء نفسها أو إلى جانب غيرها من الصعوبات الحركية مثل مشاكل تناول الطعام.
حتى يتعلّمَ الطفلُ ويتقن النطقَ والكلام لابدّ أن تكون لديه القدرةُ على السمعِ بشكلٍ جيّد، لذلك من الطبيعيّ جدًا أن يواجِه الطفلُ صعوباتٍ في النطقِ إن كان يعاني من مشكلاتٍ أو فقدانٍ للسمع، ومن علاماتِ ذلك أنّ الطفلَ لا يستطيعُ التعرّفَ على الأشخاصِ أو الأشياءِ عند ذِكر اسمها بل يفهمُ ويتفاعلُ عند استخدامِ الإشارات. كما إنّ الأطفالَ معرّضون بشكلٍ كبيرٍ للإصابةِ بالتهاباتِ الأذن، وذلك لا يعني أنّ أيّ التهابٍ في الأذنِ سيؤدّي إلى تأخّرٍ في النطق، إلا إنّ بعض التهاباتِ الأذنِ الوسطى قد تُساهمُ فعلًا في التأثيرِ على النطقِ في حين أنّها مشكلةٌ بسيطةٌ وتنتهي بعد أخذِ العلاجِ المناسب.
من أكثرِ الأمراضِ المرتبطةِ بمشكلاتِ النطق، فبالإضافةِ إلى تأخّر النطق لدى الطفلِ المصابِ بالتوحّدِ فإنّ ذلك يرافِقه تكرارُ مصطلحاتٍ بدلًا من إنشائِها، وتكرارُ الحركاتِ والتصرّفات، واضطرابات في التواصلِ الاجتماعيّ والمهاراتِ اللغويّة. كما إنّ بعض الأمراضِ التي تصيبُ الجهازَ العصبيّ قد ينتجُ عنها مشكلاتٌ في النطق مثلُ الشلل الدماغيّ، إصابةٌ قويّةٌ في الدّماغِ والإعاقات الدماغيّةِ بالإضافةِ إلى ضمورِ العضلات. ويمكنُ القولُ أنّ من أهمّ أسبابِ تأخّر النطقِ عند الأطفالِ هي البيئةُ المحيطة، فإهمالُ الطفلِ وعدمُ التفاعلِ معه وإدخالُه في محادثاتٍ لن يُكسبه أيةَ مهارات للكلامِ والنطق، كما إنّ تعرّضَ الطفلِ للإساءةِ بمختلفِ الطرقِ وعدم تحفيزِه للاندماجِ مع المحيطِ يؤدّي إلى مشكلاتٍ في النطق.
من الطرق المتبعة لعلاج تأخر الكلام عند الأطفال هي: إذا لاحظ الأهل تأخر طفلهم في نطق الكلمات عليهم مباشرة استشارة الطبيب المختص لإجراء الفحوصات اللازمة للتأكد من عدم إصابته بأيٍّ من الأمراض والمشاكل الصحية، لأن علاج المشكلة يبدأ بعلاج السبب بظهورها فإذا كان السبب مشكلةً جسدية وجب علاجها أولاً.
التحدث مع الطفل بشكلٍ منتظمٍ عندما يصل إلى عمر السنة، واستخدام الأسماء الحقيقية للأشياء التي يستخدمها الطفل وتكرارها على مسمعه لينطقها بشكلٍ سليمٍ والابتعاد عن تحريف نطق الكلمات.
الإشراف على تربية الطفل بشكلٍ مباشرٍ والابتعاد عن المربيات الأجنبيات حتّى لا يؤدي ذلك إلى إصابة الطفل باضطرابٍ لغويّ. عدم السخرية من الطفل بسبب نطقه للكلمات بشكلٍ خاطىءٍ حيث يؤدي هذا النقد والسخرية إلى فقدانه للثقة في نفسه فيزيد المشكلة سوءاً.
جعل الطفل يختلط مع أقرانه من الأطفال والأكبر سناً ليتعلم منهم ويتشجع على الحديث. قراءة القصص والحكايات للطفل منذ الصغر وجعله يحاول إعادتها مرةً أخرى بأسلوبه، وإبعاده عن التلفاز لفتراتٍ طويلةٍ لأن الأفلام الكرتونية تحتوي على جملٍ طويلةٍ يصعب عليه تكرارها.
يجب أن يتفاعل الأهل بشكل جيد مع المريض الذي يعاني من تأخر الكلام عند الأطفال، ويمكن ذلك باتباع بعض الخطوات البسيطة والتي قد توفر على الأهل والطفل الكثيرَ من الجهد والعناء: أن يتم التحدّث مع الطفل بشكل يومي واعتيادي، وذلك بأوقات الحمّام وتغيير الحفّاضات وخلال الوجبات، على سبيل المثال: أن يتم لفت انتباه الطّفل ثم التحدّث معه كقول: "انظر، أنا أفتح البرّاد الآن وأخرج الطّعام".
عند الحديث مع الطفل، يجب أن يكون الحديث أعلى من مستواه الفكري بقليل، فعندما يتحدّث الطفل بجُمل مكوّنة من ثلاث كلمات كحد أقصى، لا يجب أن يُحصر التحدّث مع الطفل بجُمل من نفس المستوى، فيجب زيادة كلمات الجملة ليتعلّم الطفل ما هو جديد وطبيعي، ولكن بنفس الوقت لا يجب أن يتم إغراق الطّفل بعباراتٍ معقّدة يستحيل عليه فهمها.
ينتبه الأطفال بشكل فطريّ لكل صوت يقارب بلحنه من أصواتهم، ولذلك ينصح الأطباء الأهلَ الذين يملكون طفلًا يعاني من تأخر الكلام عند الأطفال بالتحدّث معه بلحنٍ طفليّ إلى حدّ ما، وبطبقة صوتية أعلى من طبقة صوتهم الاعتياديّة.
يجب على الأهل -للحفاظ على انتباه طفلهم- أن يسلّوه دائمًا بالغناء له والقراءة له في وقت مبكّر من حياته، فهذا له دور بارز في جعل الطفل منتبهًا ومنتظرًا دائمًا لما هو ممتع ومسلٍّ.
تعليقات
إرسال تعليق