يحتاج الأبناء إلى الرعاية والاهتمام من قِبل الوالدين، كما يحتاجون إلى التربية السليمة، فمن خلال هذه التربية السليمة يستطيع الأبناء النهوض بالمجتمع والأمّة نحو الأفضل.
كانت الأسرة هي المُربّي الوحيد للأبناء بالتعاون مع المدرسة، ولكن مع تطوّر الحياة دخلت العديد من المؤثرات في التربية ومن أهمّها وسائل الإعلام سواءً كانت هذه الوسائل مرئيةً أم مسموعةً مثل الراديو أو الإذاعة أم مقروءةً مثل الجرائد أم مرئيةً ومسموعةً ومقروءةً في الوقت نفسه مثل التلفاز، فكان لها تأثيرٌ كبيرٌ على تربية الأبناء سواء كان هذا التأثير إيجابيًا أو سلبيا.
وإذا دققنا النظر اليوم, نجد أن ما يقدم للطفل من برامج ينقصها التخطيط العلمي, وهذا ما يجعلنا نعتمد على البرامج الأجنبية التي لا تتماشى مع أخلاقنا وثقافتنا, وتحديدا أفلام الكرتون التي يتعلم منها الأطفال الكثير, حيث إنها لاتهتم ببيئة الطفل وثقافته, وتغرس في ذهنه ثقافة مختلفة عن ثقافته العربيةالاصيلة, عبر أفلامها وقصصها التي تتحدث عن قصص العنف والخرافة والخيال التي تبعده عن الحقيقة والواقع, والمرتبطة بإبطال مثل السوبرمان وتوم جيري وباتمان وغيرهم, حيث تعبث في سلوك الطفل وأخلاقه, ولا تتضمن أي أساليب تربوية, وبعيدة عن قيمنا وأخلاقنا الحميدة مما تؤدي إلى الخمول الذهني للطفل والحد من ذكائه .
ومن هنا تأتي أهمية برامج الأطفال لأنها تشكل عاملا أساسيا في نشأة الطفل وتكوينه بشكل سليم, وتجعله يستمتع بطفولته ونسج علاقات مع من حوله .
إن أفلام الرسوم المتحركة تؤثر في المراحل الأولى لحياة الطفل, حيث تتماشى مع الوعي الحسي والحركي له, وتترك آثار معينة في تفكيره تساهم فيما بعد في بناء شخصيته وفهمه وإدراكه لكل ما يدور حوله, ولهذا من الضروري إن أي برامج منتجة يجب أن تشتمل على مضمون ثقافي وأخلاقي وديني, حتى يرتوي الطفل العلم والثقافة والخصال الحميدة . لذلك فخروج الأفلام والبرامج والصور المتحركة عن خطها الثقافي تشكل خطرا حقيقيا على الطفل وتنشئته ,وتتحول إلى ثقافة قاتلة متجردة من كل الصفات الإنسانية للطفل, وتعتبر عقبة في نمو شخصيته بشكل سليم,ولا تخدم إلا مصالح الشركات التي لا تريد إلا جمع الأرباح والأموال فقط من خلال هذه البرامج . ومن هنا يأتي دور وسائل الاعلام في تحمل مسؤوليتها, حتى ولو كان الطفل يعيش في حياة منزلية آو اجتماعية بها سلوكيات خاطئة.
هناك بعض التأثيرات المختلفة لوسائل الإعلام منها الايجابي ومنها مايشكل عواقب وخيمه تؤثر سلبا"علي الأبناء :-
التأثيرات الإيجابيه لوسائل الإعلام في تربية الأبناء
* مخاطبة حاستي السمع والبصر عند المتلقي مما له أثر فاعل في جذب الانتباه، وهذا الأسلوب يعد من أهم الوسائل التعليمية المتميزة.
* قدرته على إشباع الاحتياجات الإنسانية لمرحلة الطفولة وبخاصة حاجات النمو العقلي مثل: الحاجة إلى البحث والحاجة إلى حب المعرفة وحب الاستطلاع، وغيرها.
* تنمية خيال الطفل وتغذية تطلعاته.
* لها دور بارز في ثقافة الطفل والتأثير في تنمية قدراته واتجاهاته.
* قضاء وقت الفراغ بما يفيده من برامج ومواقع الإعلام الرقمي والشبكة المعلوماتية التي تتناسب مع احتياجاته وعمره.
* تطوير لغة الطفل وأساليب تفكيره وطرق تعامله مع الآخرين.
كما أكدت بعض الدراسات أنه يمكن استخدام وسائل الإعلام الرقمية لدى الأطفال لتسهيل بناء ضبط النفس، ومهارات حل المشاكل، وتحسين قدرة الأطفال على متابعة الاتجاهات.
التأثيرات السلبيه لوسائل الإعلام في تربية الأبناء
والتي لها من التأثيرات السلبية:
* التأثير الأمني، ويتمثل ما تبنيه بعض البرامج من سلوك يدعو للعنف والجريمة والاستخفاف بالحقوق والدماء.
* التأثير المعرفي السلبي: من خلال تقديم معلومات مغلوطة أو أكاذيب وإشاعات واقناع الطفل بها، واستخدام لهجات محلية أو أجنبية أو أساليب خطاب تؤثر سلبا على تنمية لغة الاطفال (الديجلوسيا).
* التأثيرالبدني: ويظهر ذلك في التأثير على بناء شخصية الطفل وعلى صحته، وجاء في التقرير الذي نشرته مجلة اليونسكو عن نتائج الاستطلاع الياباني المتعلق بتأثير وسائل الإعلام على الطفل: ((إن فيض المعلومات التي تقدمها وسائل الإعلام يعطّل تطور القدرات التأمليّة الخلاّقة لدى الأطفال)) كما يؤثر على مواعيد نمو الطفل ومواعيد تغذيته وطريقة جلوسه غير المناسبة عند التعامل مع وسائل الإعلام المختلفة ، وتأثر صحة عين الطفل عند كثرة المشاهدة.
* الرسوم المتحركة والتي شأنها شأن ألعاب الحاسوب، تنوع الصورة والكلام لا حدود له، وهي تُعرَض على شاشات التلفزيون وفي محركات الشبكة المعلوماتية ؛ لذا فإن لها أوسع جمهور، وإضافة إلى ذلك فإن الكثير من الكبار يشاهدونها أيضًا، نظرًا لأنها تروِّح عنهم أعباء النهار بطرافتها، ويفرح الصغار جدًا عندما يشاركهم الأهل في مشاهدتها.
ولكن الرسوم المتحركة في أكثر الأحيان تروّج للعبثية وغياب الهدف من وراء الحركة والسلوك، والسعي للوصول للنصر والغلبة في خضم حمى السباق والمنافسة بكل طريق، فالغاية تبرر الوسيلة.
كما تعمل الرسوم المتحركة على تحريف القدوة؛ وذلك بإحلال الأبطال الأسطوريين والخرافيين بدل الأئمة المصلحين والقادة الفاتحين، وعلى سبيل المثال تجد الرجل الخارق ، والرجل الوطواط ، والرجل العنكبوت ، وغيرهم من الشخصيات الوهمية التي لا وجود لها بحيث تضيع القدوة في خضم القوة الخيالية المجردة من أي بعد إيماني.
وكل هذا ينطبق على ما تبثه بعض المحركات في الانترنت من برامج ومقاطع فيديو تكون لها تلك الآثار السلبية التي تطرقنا لها.
كيف يتم حماية الطفل من أخطار وسائل الإعلام
وقد وضع الدكتور (ديفيد إنجلاند) مؤلف كتاب (التلفزيون .. وتربية الأطفال) أن هناك بعض القواعد المحددة التي يسهل إتباعها في المنازل من قبل الوالدين بشأن مشاهدة أطفالهم للتلفزيون، وهي تزيد من فائدة مشاهدتهم له، وتقلل من الجوانب السلبية التي تحدث الآن.
- كونوا متأكدين دوماً أن أطفالكم لديهم سبب جيد ومحدد لمشاهدة ما يبغون مشاهدته، وإذا لم يكن لديهم هذا السبب، أو فكرة واضحة ومحددة عما يشاهدون، فبادروا فوراً إلى إغلاق الجهاز .
- ينبغي أن تصروا على أن يشاهد أطفالكم برنامجاً واحداً في الجلسة الواحدة، إذ إنه من النادر جداً أن نجد برنامجين يستحقان المشاهدة يذاعان واحداً وراء الآخر مباشرة، و من هنا ينبغي أن تقللوا ـ قدر المستطاع من عملية استمرار المشاهدة.
- تدخلوا للحد من «المشاهدة التلقائية Spontaneous Viewing» وخططوا لجلسات مشاهدة لكل أفراد العائلة مسبقاً، حيث إنه بدون التخطيط، بل بدون وضع جدول للمشاهدة، يصبح من الصعب ضبط عملية المشاهدة وطول مدتها.
- فتشوا عن برنامج واحد- على الأقل- يكون ممتازاً، كل أسبوع، واجعلوا منه خبرة طيبة يستفيد منها الأطفال، بحيث يمكن أن يثار- بعد مشاهدته- عدد من الأسئلة، أو أن تنظم رحلة إلى الخلاء، أو زيارة المكتبة أو غيرها.
- راقبوا جيداً ما يشاهده أبناؤكم، إن البعض منكم قد يصابون بالدهشة حين يفعلون ذلك، وكونوا إيجابيين بالتدخل إذا تطلب الأمر ذلك.
- لا تستعملوا مشاهدة التلفزيون، عقاباً أو ثواباً، إن معظم الأطفال لديهم تقدير خاص له، فلا تعملوا على زيادة هذا التقدير، و لا تدفعوهم نحو الرغبة فيه أكثر.
- كونوا نماذج طيبة لأبنائكم، وراقبوا أنفسكم وحاسبوها فيما تشاهدون على الشاشة الصغيرة، واسألوا أنفسكم- بأمانة- عن البرامج التي تسمحون لأنفسكم بمشاهدتها، وفكروا.
تعليقات
إرسال تعليق