عام الكوارث هذا ما يصف به عدد كبير من الناس عام ٢٠٢٠ الذي أوشك على نهايته ، يظن البعض أن هذا العام الذي أسفر عن ازمات سياسية و اقتصادية هزت العالم أجمع و من ثم اكتمل بوباء كورونا covid 19 هو الأشد سوء و أنه يتربع على عرش أسوء الأعوام التي مرت على الأرض على الإطلاق ، لكن حتما كل من يعتقد ذلك لم يسمع بعام السماء السوداء ٥٣٦ ميلادي .
«هذا العام غريب، هناك شتاء قارس لم نعتد عليه، وربيع ليس به اعتدال مناخي، وصيف دون حرارة الشمس التي اعتدناها، صقيع طويل وجفاف غير محتمل، حرمنا من المطر، وخصوبة الأرض، واختفت الثمار. الضباب يتكاثف في السماء، ويمنع عنا الضوء» هذا كان ما كتبه المؤرخ الروماني كاسيودوروس واصفا عام ٥٣٦ ، و الذي ترك بصمة ثقيلة كما يفعل ٢٠٢٠ الان .
ظلام دامس ، صباح لثلاث ساعات فقط
تخيل أن يغيب ضوء الشمس عن الأرض سنة و نصف أليس هذا مرعب ؟ في الواقع هذا ما حصل في عام ٥٣٦ حيث اختفى نور الشمس و تركت الأرض في ليل لا نهاية له ، أشار عدة مؤرخون إلى هذا الظلام الذي ملأ الأرض و حاول علماء الجيولوجيا ربطه مع سبب مقنع و توصلوا إلى ترجيح وقوع ذلك بسبب ثوران بركان ضخم أدى إلى ملأ السماء بالرماد .
لقد وصف الكاتب البيزنطي ميخائيل السوري هذا الظلام قائلًا: «مرت الشمس بكسوف دام 18 شهرًا، ولم يكن هناك ضوء للشمس سوى ثلاث ساعات صباحًا، ولكنه كان ضوء ضعيفًا لا يشبه النهار الذي نعرفه، ولا حتى الليل».
لم يكن الأمر مرعبا فقط بل كان محملا بالكوارث الاقتصادية ، فبسبب انحجاب ضوء الشمس انخفضت درجة الحرارة لتقارب الثلاث درجات مما إلى موت المحاصيل الزراعية و مرور أوروبا و آسيا و امريكا الجنوبية بالمجاعة ، ظلام و جوع شديد لأترك لك أن تتخيل قسوة المشهد !.
بيزنطة و الطاعون
كعامنا الحالي لم يكن عام ٥٣٦ يتوانى عن تقديم المفاجآت بين الحين و الآخر ، و كعام الكوارث كان بيئة خصبة لانتشار وباء قاتل لا يستثني أحدا إنه الطاعون ، كانت الضحايا كثيرة و الموت يحوم حول الجميع بظلام دامس كاختبار لقدرة البشرية على العيش فالخيارات المتاحة للموت كثيرة و الجميع مرحب به .
ثلوج في الصيف .. مزيد من الكوارث
أبدا هذا ليس فيلم لمؤلف واسع الخيال ، فبينما داهم الوباء بيزنطة كان نصيب الصين هو سقوط مادة صفراء غريبة لوثت الطبيعة و حدث التغير المناخي الأشد غرابة حيث كسيت الأرض بالثلوج في فصل الصيف ، و ضرب الصقيع المزروعات الصيفية أيضا و دخلت الصين مجاعة أسفرت عن موت أكثر من ٧٢٪ من سكانها ، و حتى الحيوانات نالت نصيبها من هذه المجاعة أيضا. و قد وقعت مجاعة اخرى في ايرلندا عرفت باسم ”اختفاء الخبز” لقد كان هناك آلام تكفي الجميع.
صحيح بأن عام ٢٠٢٠ كان محمل بالكوارث لكن لا أعتقد بأنه قد يكون بصعوبة عام ٥٣٦ على البشر آن ذاك، فقد مات الكثيرون بينما كانوا محاطين بالظلام من كل جانب إما من شدة الجوع أو من شدة المرض ! لربما سيمر العالم بجوائح و سنين أشد فتكا ، لذلك على البشر أن يكونوا مستعدين لخوض معركة البقاء في كل وقت و في أي عصر و مهما أقنعوا أنفسهم بأنهم قد وصلوا من التطور ما يمكن أن يجابهوا به جميع الأزمات .
تعليقات
إرسال تعليق