هنري ميللر
هنرى ميللر روائى و فنان أمريكى له عدة اهتمامات ، فكان من المهتمين بالفن التشكيلى، وكما أنه صاحب بصمة خاصة فى الأدب الأمريكى، حيث عرف عنه عدم رضاه عن الاتجاه الأدبى العام فى الأدب الأمريكى، وبدأ نوع جديد من الرواية وهى عبارة عن خليط من القصة والسيرة الذاتية والنقد الاجتماعى والنظرة الفلسفية والتصوف، ونستعرض خلال المقال التاي أبرز الاقتباسات و الأقوال من أعماله.
اقتباسات و أقوال للكاتب و الفنان الأمريكي هنري ميللر
بإمكان المرء أن يقاتل الشر ولكن ليس بإمكانه أن يقاتل الغباء.
أليست الكتب تساعدنا و ترشدنا في شق طريقنا الصعبة في البرية يقول نابليون لن يذهب بعيدا من يعرف مسبقا الى أين يذهب.
يستيقظ وهو يلعن نفسه , أو يلعن الوظيفة , أو يلعن الحياة . يستيقظ وهو سئم كل السأم , ومحبط , ومتألم ؛ لأنه لم يمت أثناء الليل.
ما جدوى الكتب إذا لم ترجعنا إلى الحياة، إذا لم تجعلنا نَعُبّ من مائها بلهفة أشد؟.
الحب هو الشيء الوحيد الذي لن نأخذ منه ما يكفي . والحب هو الشيء الوحيد الذي لن نبذل منه ما يكفي.
ضعوا كل الأمور في حسبانكم ولكن دون أن تفقدوا ابدا حس الفكاهة..فالحياة ليس فيها أمر أبدي الجدية.
لا أعلم من أين أبدأ! عقلي ضربه الطوفان وأصبح مغمورًا في المادة، دعينا نؤجل الفرصة، ربما تأتي أيام أشد سوءًا من هذه.
اقرأ أيضا: اقتباسات و أقوال أوسكار وايلد
الكتاب ليس فقط صديقًا, بل يصنع لكَ أصدقاء.إني أكرر ماقلته لك مراراً : هذا العالم ليس سيئاً ولكن طريقتنا التي ننظر بها إليه هي الرديئة.
لكي يعرف الإنسان السلام يجب أن يجرب الصراع، عليه أن يمر بالمرحلة البطولية قبل أن يتمكن من التصرف كحكيم، يجب أن يصبح ضحية انفعالاته قبل أن يتمكن من التعالي عليها.
الناس كالقمل يدخلون تحت جلدك ويدفنون أنفسهم هناك. وتحك وتحك حتى يخرج الدم لكنك لا تتخلص من القمل طويلًا.
كنت دائماً خارج السرب، لا أحد يعرف ما يدور في خلدي لا أتعمق مع أحد كأنما لي قضية أخرى و أرض أخرى و حرب لا تعني الجميع.
لم يبدُ الوضع الراهن لي من قبل شنيعا أكثر مما هو عليه ، هذا ليس أسوأ مكان، أعلم ، لكنني موجود هنا وما أراه يوجعني.
لم أقترف أي جريمة، اللهم ما عدا أني وُلِدت هنا.
إن الذي يجعل كتابًا - ما - يبقى حيًا، هو توصية المحبة التي يقدمها قارئ إلى آخر.
الحظ الكبير بالنسبة لطفل في أن يختفي والداه عند إنجابه ثم يُترك ليصنع مصيره بنفسه.
في أعماق كل قلب قاسي و جاف هناك قطرة أو قطرتان من الحب.
أمسى عاجزاً عن منح الحب او تلقيه، لم يعرف الا كيف يواجه إرادة بإرادة، وفي أفضل الأحوال عرف الشفقة لا الحب.
من أجل تذكر الحلم على المرء أن يُبقي عينيه مغمضتين بإحكام، إذ تكفي أقل حركة حتى ينهار البناء كله.
يجب أن أجلس هنا فحسب، إلى أن يخيم الليل. حين يطلع القمر كل شيءٍ سيكون في مكانه.
حين يكون الناس طيبون أكثر مما ينبغي في هذا العالم يجب احتجازهم في أماكن مُغلقة , ثمّة خطأ في مفرطي الطيبة.
الشيء الذي يتميز به غالبية الناس عن أقليتهم هو عجز الغالبية عن العمل وفقا لمعتقداتهم.
لا أمتلك مال و لا موارد و لا حتى أمال لذلك أنا أسعد إنسان بالحياة.
إنّ العبد لا يتحرر بمجرد تحطيم الأصفاد التي تغلّله، بل حالما تتحرر روحه يصبح حرًا بصورةٍ تامة وإلى الأبد.
القارئ النّهم : هو رجلٌ عرفَ كيف "يُبدِّد" وقتهُ بفخَامه.
اقرأ أيضا: اقتباسات وأقوال مميزة للأديب الروسي مكسيم غوركي
شرط وحيد كنت أهتم أن يكون موجود بأصدقائي مهما كانت الطبقة التي ينتمون لها و مهما كان وضعهم بالحياة و الشرط هو أن يمكنني الحديث معهم بمنتهى الصدق و إن لم أنجح في ذلك كنت أتخلص منهم.
على المرء أن يثبت اختلافه التام ، كينونة وفعلا ، كي يكتشف انتسابه إلى البشر جميعا ، حتى أدناهم.
أردتُ الاستسلام لأنني لم أر جدوى من الكفاح ، شعرتُ أنه لا شيء يمكن إثباته ، أو إقراره ، أو إضافته أو إسقاطه في وجودٍ لم أختره.
في أعماق كُل قلب قاسِ وجاف ، هُناك قطرة أو إثنان من الحُب.
الحب والصداقة نادرا ما يسيران بجانب بعضهما , من الأسهل لك أن تصبح صديقا لرجل على أن تصبح صديقا لامرأة، خاصةً إن كانت تلك المرأة جذّابة , خلال حياتي عرفت القليل ممن نجحوا في الحصول على الصداقة والحب معا.
الحب هو أن تخرج الأمور عن السيطرة و لا تكون أنت.
إننا نشترك في كثير من النقاط، حتّى وكأنني أنظر إلى نفسي ولكن في مرآةٍ مشروخة.
أن تكون صامتا يوما كاملا و لا تقوم بقراءة مجلة و لا تستمع للراديو و لا تقوم بالثرثرة و لا بالنميمة مع أي شخص و تكون كسول طيلة اليوم و لا تذهب لأي مكان بالعالم هو أفضل علاج للإنسان يمكن أن يقدمه لنفسه.
الطريقة التي يقرأ بها المرء كتابا، هي الطريقة التي يقرأ بها الحياة.
إنَّ الكتب هي أحد الأشياء التي يُدللها البشر بعمق وكلما كان الإنسان راقياً يتشارك بشكلٍ أسهل بمقتنياته العزيزة. وكتابٌ يتمدد بتكاسُل على رفٍ هو ذخيرة ضائعة سُدى وكالمال يجب جعل الكتب في حالة تداوُل مستمر استعِر وأعِر إلى أقصى مدى – كتباً ومالاً معاً ولكن خاصة الكتب، لأنَّ قيمة الكتبَ أعلى بما لا يٌقاس من قيمة المال .. فالكتاب ليس فقط صديقاً، بل يصنع لكَ أصدقاء .. وعندما تمتلك كتاباً ذا عقلٍ وروح تغتني ولكن عندما تعطيه لشخصٍ آخر تغتني ثلاثة أضعاف.
ويعرف الإنسان وهو في لهاثه الأخير أنّ المستقبل ما هو إلا مرآة زائفة، قذرة.
الشرط الوحيد الذي كنت أهتم لوجوده في أصدقائي، مهما كانت الطبقة التي ينتمون إليها أو مهما كان وضعهم في الحياة، هو أن أكون قادرًا على الحديث معهم بكل صدق. إذا لم أنجح في فعل هذا، كنت أتخلص منهم.
أحيانًا كنت أفكر أنني خُلقت جائعًا.
هذا صباح هو من شدة الاضطراب إلى درجة أنه لو كان مجرد مظلة عتيقة لاستطاعت عطسة صغيرة أن تقلب داخله إلى الخارج.
يجب أن أحافظ على جسدي في حالة يكون فيها مقبولا من الديدان، يجب أنا أحافظ على روحي سليمة من أجل الله.
وجهتُكَ ليست مكانا تصلُ إليه إنما هي طريقة جديدة ترى بها الأشياء.
نعم، أن تكون كاتبًا ربما يكون أفضل شيء بالنسبة لك، لو قيض لك أن تتصرف وفق أفكارك فمن الممكن أن تصبح مجرمًا، عندك دائمًا خيار السير في طريقين ليس الإحساس الأخلاقي الذي يردعك عن الاتجاه في الطريق الخاطئ، بل غريزتك فقط هي التي تخدمك على ألإضل وجه على المدى البعيد، أنت لا تعرف لماذا تتخلى عن مشاريعك الرائعة، تظن أنه الضعف، الخوف، الشك، لكنه ليس كذلك، لديك غرائز حيوانية، إنك تذلل كل شيء من أجل رغبتك في العيش، فأنت لن تتردد في أن تنالني ضد رغبتي حتى لو عرفت أنك واقع في شرك.
إنني بالنظر إليها أُكافأ لجميع صراعاتي وهموم قلبي.
معركة الروح وحشيّة كمعركة الرجال،
لكن رؤيا العدالة هي بهجة الله وحده.
إن كل مخلوقٍ حي ، هو مُتحف.
إن الكتب التي يقرؤها المرء تحددها شخصية المرء نفسه.
يستطيع كذلك أن يصير منضدة، كرسياً، سلماً، إذا احتاج الأمر. فهو لا يريد امتيازات خاصة، لأنه واحدٌ منهم.
إن الكتب التي أستمتع في قراءتها أكثر من غيرها هي التي تضعني في علاقةٍ حميمة مع الطبيعة المذهلة لكيان الإنسان.
إنني لم أؤمن ولا للحظة بالتطور البطئ، والمؤلم، والفخم، والمنطقي، واللا منطقي بشكل غامض، للأشيائ، أؤمن بأن العالم باكمله- ليس فقط الأرض والأشياء التي تكونها، ولا الكون الذي صنفنا عناصره الاولية، بما فيها الأكوان التي تتجاوز بصيرتنا ووسائلنا_ وإنما العالم كله، المعروف منه وغير المعروف، مختل، يصرخ من الألم والجنون، أؤمن بأنه إذا اكتشفت عدا الوسائل المناسبة التي نطير بواسطتها إلى أبعد نجم، إلى أحد تلك العوالم التي تقول عنها حساباتنا العجيبة إنه حين سيصلنا نورها ستكون الأرض ذاتها قد بادت، أؤمن بأنه إذا استطعنا أن ننتقل إلى هناك، في زمن لم يبدأ بعد، فسنعثر على رعب مطابق، بؤس مشابه، وجنون مماثل.
ادخلي فيّ يا أناييس , وابقي هناك .. لا تخرجي مني أبداً , ولا بمقدار فكرة واحدة.
وسيسمح ان تُذبح احلامه لكن دون ان تلوث.
اقرأ أيضا: اقتباسات و أقوال للكاتب الروسي فيودور دوستويفسكي
أنا لا أسمي أولئك الذين ينظمون الكلام : مقفى أو غير مقفی شعراء ، الشاعر عندي هو القادر على تغيير العالم تغييراً.
عميقا ليعلن هذا الشاعر نفسه، إن كان موجودا بيننا ليرفع صوته ! لكن عليه أن يكون صوتا يغطي هدير القنبلة. عليه أن يستعمل لغة تذيب قلوب الناس وتجعل الدم يغلي في العروق.
سوف يعاني معاناة البذرة تسقط في تربة عقيم.
حيث اننا الآن نتهيأ لموت الذات الصغرى، من أجل أن تطلع الذات الحقيقية لقد جعلنا بغباء وبدون وعي العالم واحداً لكنه واحد في الإلغاء، علينا أن نمر خلال الموت الجماعي، كي نخرج أفراد أصليين.
طيلة الأيام الساخنة التالية كنت أفكر بكثير من الأشياء، خصوصا بحياة الصعلكة التي مارستها في بلدي أولا ثم في الجهة الأخرى من المحيط. كنت أفكر بالصد العنيف الذي كنت أواجهه من طرف أصدقاء حميمين، ممن يسمون أصدقاء، وبالوجبات التي كانت تقدم لي عندما كنت أجرد مثل ملاح بعد غرق السفينة، وبالمواعظ التي ترافقها. أتذكر المرات الكثيرة التي كنت أقف فيها أمام واجهة مطعم من المطاعم، كنت أنظر للآخرين الذين يأكلون، لم يكونوا بحاجة إلى كل ذلك الطعام، وقد أكلوا حتى الآن أكثر من الضروري.. أتذكر أملي العبثي بأن يروا الجوع في عيني ويدعوني لمشاركتهم وجباتهم أو إعطائي البقايا. أتذكر الصدقات التي أخدتها والدريهمات التي رميت نحوي من قبل مارة، حفنة من العملات الصغيرة، وكيف كنت ألتقطها مثل جرو حسن التدريب. كنت آخذ ما يقدم لي لاعنا كل أولئك الوسخين بصوت خفيض. لم أكن مباليا بالصد الذي واجهته، لم أكن أبالي بالمهانات والمذلات، قطعة الخبز هي قطعة الخبز دائما. وإذا لم أشكر المعطي دوما بقلب طيب وبمسكنة فقد كنت أشكر طالعي الحسن. كنت أتوصل دون شك لأن أقول لنفسي بأن لدي الحق بشيء أكبر من قطعة خبز، وأن المُحطَّم الأكثر بؤسا في مجتمع متحضر له الحق بوجبة غذاء عندما يحتاج إليها. ولكنني لم ألبث أن استوعبت الأشياء بشكل أكثر شمولا. لم أتلعم فقط أن أقول: "شكرا أيها السيد!" ولكن أيضا تعلمت أن أقف على قوائمي الخلفية وأطلب منه، دون أن يكون الأمر عسيرا علي كثيرا. في بداية الأمر وجدته مضحكا إلى حد ما. إنها تجربة على الجميع خوضها بين وقت وآخر، خصوصا أولئك المولودين بملاعق ذهبية في أفواههم.
أنا أشعر بالأسف على على الشخص الذي يولد كاتبًا ، ولهذا السبب فأنا أوبخ هذا الأحمق كثيرًا، أحاول أن أثبطه لأني أعرف ما سيواجهه. فإذا كان حقًا جيدًا فهذا شيء رائع، إذ يمكن للرسام أن يرسم ست لوحات في سنة واحدة ـ هكذا قيل لي ـ أما تأليف كتاب فيستغرق من الكاتب أحيانًا عشر سنوات، وإذا كان جيدًا فهو يحتاج إلى عشر سنوات أخرى ليجد ناشرًا، وبعد ذلك يجب أن تترك على الأقل من خمس عشرة إلى عشرين سنة ليحظى باعتراف القرَّاء به .. إنه تقريبًا عمر كامل لكتابٍ واحد ـ تذكّر ـ فكيف يمكنه أن يعيش أثناء ذلك؟ حسنًا، إنه يعيش كالكلب، الشحاذ يعيش ملكًا بالمقارنة معه، لا يتخذ أحدٌ هذه المهنة إن كان يعرف ما يخبئ له الزمن، أقول بصراحة إن الأمر لا يستحق ذلك ! إن الفن لا يعني أن يخرج بهذ الطريقة، والنقطة التي أريد أن أوضحها هي أن الفن أصبح ترفًا في الوقت الحاضر، إذ يمكنني أن أعيش دون أن أقرأ كتابًا واحدًا أو أنظر إلى لوحةٍ واحدة، لدينا أمور كثيرة، إننا لسنا بحاجة إلى كتبٍ أو لوحات.
إنني لم أؤمن ولا للحظة بالتطور البطئ، والمؤلم، والفخم، والمنطقي، واللا منطقي بشكل غامض، للأشيائ، أؤمن بأن العالم باكمله- ليس فقط الأرض والأشياء التي تكونها، ولا الكون الذي صنفنا عناصره الاولية، بما فيها الأكوان التي تتجاوز بصيرتنا ووسائلنا_ وإنما العالم كله، المعروف منه وغير المعروف، مختل، يصرخ من الألم والجنون، أؤمن بأنه إذا اكتشفت عدا الوسائل المناسبة التي نطير بواسطتها إلى أبعد نجم، إلى أحد تلك العوالم التي تقول عنها حساباتنا العجيبة إنه حين سيصلنا نورها ستكون الأرض ذاتها قد بادت، أؤمن بأنه إذا استطعنا أن ننتقل إلى هناك، في زمن لم يبدأ بعد، فسنعثر على رعب مطابق، بؤس مشابه، وجنون مماثل.
ادخلي فيّ يا أناييس , وابقي هناك .. لا تخرجي مني أبداً , ولا بمقدار فكرة واحدة.
وسيسمح ان تُذبح احلامه لكن دون ان تلوث.
اقرأ أيضا: اقتباسات و أقوال للكاتب الروسي فيودور دوستويفسكي
أنا لا أسمي أولئك الذين ينظمون الكلام : مقفى أو غير مقفی شعراء ، الشاعر عندي هو القادر على تغيير العالم تغييراً.
عميقا ليعلن هذا الشاعر نفسه، إن كان موجودا بيننا ليرفع صوته ! لكن عليه أن يكون صوتا يغطي هدير القنبلة. عليه أن يستعمل لغة تذيب قلوب الناس وتجعل الدم يغلي في العروق.
سوف يعاني معاناة البذرة تسقط في تربة عقيم.
حيث اننا الآن نتهيأ لموت الذات الصغرى، من أجل أن تطلع الذات الحقيقية لقد جعلنا بغباء وبدون وعي العالم واحداً لكنه واحد في الإلغاء، علينا أن نمر خلال الموت الجماعي، كي نخرج أفراد أصليين.
طيلة الأيام الساخنة التالية كنت أفكر بكثير من الأشياء، خصوصا بحياة الصعلكة التي مارستها في بلدي أولا ثم في الجهة الأخرى من المحيط. كنت أفكر بالصد العنيف الذي كنت أواجهه من طرف أصدقاء حميمين، ممن يسمون أصدقاء، وبالوجبات التي كانت تقدم لي عندما كنت أجرد مثل ملاح بعد غرق السفينة، وبالمواعظ التي ترافقها. أتذكر المرات الكثيرة التي كنت أقف فيها أمام واجهة مطعم من المطاعم، كنت أنظر للآخرين الذين يأكلون، لم يكونوا بحاجة إلى كل ذلك الطعام، وقد أكلوا حتى الآن أكثر من الضروري.. أتذكر أملي العبثي بأن يروا الجوع في عيني ويدعوني لمشاركتهم وجباتهم أو إعطائي البقايا. أتذكر الصدقات التي أخدتها والدريهمات التي رميت نحوي من قبل مارة، حفنة من العملات الصغيرة، وكيف كنت ألتقطها مثل جرو حسن التدريب. كنت آخذ ما يقدم لي لاعنا كل أولئك الوسخين بصوت خفيض. لم أكن مباليا بالصد الذي واجهته، لم أكن أبالي بالمهانات والمذلات، قطعة الخبز هي قطعة الخبز دائما. وإذا لم أشكر المعطي دوما بقلب طيب وبمسكنة فقد كنت أشكر طالعي الحسن. كنت أتوصل دون شك لأن أقول لنفسي بأن لدي الحق بشيء أكبر من قطعة خبز، وأن المُحطَّم الأكثر بؤسا في مجتمع متحضر له الحق بوجبة غذاء عندما يحتاج إليها. ولكنني لم ألبث أن استوعبت الأشياء بشكل أكثر شمولا. لم أتلعم فقط أن أقول: "شكرا أيها السيد!" ولكن أيضا تعلمت أن أقف على قوائمي الخلفية وأطلب منه، دون أن يكون الأمر عسيرا علي كثيرا. في بداية الأمر وجدته مضحكا إلى حد ما. إنها تجربة على الجميع خوضها بين وقت وآخر، خصوصا أولئك المولودين بملاعق ذهبية في أفواههم.
أنا أشعر بالأسف على على الشخص الذي يولد كاتبًا ، ولهذا السبب فأنا أوبخ هذا الأحمق كثيرًا، أحاول أن أثبطه لأني أعرف ما سيواجهه. فإذا كان حقًا جيدًا فهذا شيء رائع، إذ يمكن للرسام أن يرسم ست لوحات في سنة واحدة ـ هكذا قيل لي ـ أما تأليف كتاب فيستغرق من الكاتب أحيانًا عشر سنوات، وإذا كان جيدًا فهو يحتاج إلى عشر سنوات أخرى ليجد ناشرًا، وبعد ذلك يجب أن تترك على الأقل من خمس عشرة إلى عشرين سنة ليحظى باعتراف القرَّاء به .. إنه تقريبًا عمر كامل لكتابٍ واحد ـ تذكّر ـ فكيف يمكنه أن يعيش أثناء ذلك؟ حسنًا، إنه يعيش كالكلب، الشحاذ يعيش ملكًا بالمقارنة معه، لا يتخذ أحدٌ هذه المهنة إن كان يعرف ما يخبئ له الزمن، أقول بصراحة إن الأمر لا يستحق ذلك ! إن الفن لا يعني أن يخرج بهذ الطريقة، والنقطة التي أريد أن أوضحها هي أن الفن أصبح ترفًا في الوقت الحاضر، إذ يمكنني أن أعيش دون أن أقرأ كتابًا واحدًا أو أنظر إلى لوحةٍ واحدة، لدينا أمور كثيرة، إننا لسنا بحاجة إلى كتبٍ أو لوحات.
تعليقات
إرسال تعليق