روايات عربية ممنوعة في الوطن العربي
رواية أولاد حارتنا – نجيب محفوظ
إحدى الروايات التي لا يزال الناس حتى اليوم يختلفون على مغزاها: هل قصد محفوظ بموت الجبلاوي (الذي غالبًا يرمز للدين) أن عرفة (الذي رمز للعلم) قد تغلب عليه؟ كيف إذًا كان موجودًا من الأصل ليقتله عرفة؟ أم كان يقصد أن هذا قتل رمزي حيث لم يستطع عرفة العيش جيدًا بعد ذلك؟ أم أن الرواية ليست متعلقة بكل هذا ولم ترمز إلى شيء ولكنها رواية ذات رموز سياسية بحته كما رأى محمد حسنين هيكل؟
حتى اليوم لن نعرف أبدًا، سنكتفي فقط بقول نجيب محفوظ عنها، إنها رواية تحكي عن “عائلة مصرية 100%”.
عند نشر محفوظ أولاد حارتنا بعام 1958 طلب مباشرة من محمد حسنين هيكل، والذي كان يعمل حينئذ كرئيس تحرير الأهرام المصرية، نشر الرواية، وافق محمد حسنين هيكل على الطلب ونشرها على شكل حلقات يومية.
عندئذ قرأ عبد الناصر الرواية اعتقد كذلك أنها تتحدث عن النظام السياسي وتحديدًا الحكم القائم، ولكن الأزهر الشريف قرأها قراءة دينية هو الآخر واتفق كلاهما على منع الرواية من النشر، وجمع الأزهر لجنة من علماء الدين كمحمد الغزالي وأحمد الشرباصي للحكم على الرواية، وكان هذا أول بيان رسمي من مؤسسة رسمية -وهي الأزهر- لمنع الرواية.
بعد انتهاء حلقات الرواية في الأهرام لم تجرؤ أي دار نشر أخرى أن تنشر الرواية وظلت رواية مجهولة لنجيب محفوظ لم يعلم أحد بوجودها -من قرائه الجدد- إلا عام 1988 عندما فاز محفوظ بنوبل فلم تقف الدولة معترضة أي عملية للنشر.
سلسلة روايات مدن الملح – عبد الرحمن منيف
أحد أشهر الروايات العربية والعالمية كذلك للروائي السعودي عبد الرحمن منيف، تدور أحداثها -وتاريخها كذلك- في المملكة العربية السعودية، إلا أن الكاتب فضل جعل اسم البلاد “موران”، كما استبدل كذلك النفط بالملح، كان يقول عبد الرحمن منيف في إحدى المقابلات الصحفية عن خماسيته أنه قصد “بمدن الملح” تلك المدن التي لم تنشأ بسبب تاريخها الطويل للغاية، بل تلك المدن التي لم تكن لتظهر أصلًا إلا بسبب الثروة المفاجئة في تاريخها.
تحكي رواية “مدن الملح” في أجزائها الخمسة تاريخ موران اللاحق والمبكر قبل ظهور الملح، والخلافات القبلية المظلمة بين حكام موران التي كادت أن تهدأ بعض الشيء إلى أن يظهر الملح، الذي سوف يفجر هذه الخلافات.
في الجزء الثاني والثالث، “الأخدود، تقاسم الليل والنهار” تحدثنا الرواية عن كبار الأثرياء الذين دخلوا إلى “موران” حديثًا فقط لأجل الملح وأصبحوا جزءًا من تاريخها بين يومٍ وليلة، ثم يكمل الكاتب في سرد التغيرات الاجتماعية التي حدثت وسوف تحدث في موران بسبب الملح.
يتضح لنا من الرواية الاتجاه الذي أخضه منيف من الحكومة السعودية، وهو اتجاه معارض للغاية وهكذا عاملته الحكومة كذلك، فقد منعته هو وروايته من الدخول للملكة العربية السعودية لسنوات طويلة، وحتى الآن لم يصدر قرار رسمي من الحكومة حيال الرواية إلا أنها قد ظهرت في معارض الكتب الأخيرة بالمملكة العربية السعودية.
رواية بنات الرياض - رجاء عبد الله الصانع
رواية “بنات الرياض” هي الرواية الأولى لطبيبة الأسنان رجاء عبد الله الصانع، تدور أحداث الرواية في المملكة العربية السعودية، موطن الكاتبة، وهي عبارة عن مجموعة إيميلات على إحدى مجموعات موقع ياهو ميل، ترسلها إحدى الفتيات بشكل أسبوعي طوال السنة ما عدا شهر رمضان بالطبع.
ترسل الفتاة غير المعلومة الإيميلات لأغلب مستخدمي الياهو بالمملكة العربية السعودية تقص عليهم فيها حكايات صديقاتها سديم، ميشيل، لميس وقمرة، وكلهن فتيات مدينة الرياض، تقص رجاء الصانع في الإيميلات علاقاتهن العاطفية ومشاكلها التي عادة ما تكون سرية وذلك كله بحجة “أن يستفيد الآخرون من مشاكلهن”.
أثارت الرواية ضجة كبيرة بعد نشرها فهي تنتقد بشكل صريح الأوجه التي تعيشها المرأة بالمملكة العربية السعودية، كقمرة التي تزوجت من رجل لا يعطف عليها حتى، وتكتشف خيانته ويعاقبها لاكتشافها تلك الخيانة ثم يطلقها، وتضطر للزواج كزوجة ثانية لعسكري كبير، أو مشاعل الفتاة التي كادت أن تقتلها إحدى الأمهات عندما علمت أن ابنها يرغب الزواج بها لأن سُمعتها كانت “سيئة” وغير ذلك من الحكايات.
كانت نتيجة هذه الضجة هو منع الرواية من التداول بجميع المكتبات السعودية، إلا أن هذا المنع ما كان إلا بمثابة إعلان ممتاز للرواية، فُنشرت أربع مرات خلال أول سنة فقط من نشرها في دور النشر العربية.
اقرأ أيضا: 40 قاعدة مالية ملخص كتاب اغنى رجل في بابل
رواية سقوط الإمام – نوال السعداوي
رواية سقوط الأمام أحد أشهر أعمالها التي تُرجمت إلى 24 لغة حتى اليوم، وهي رواية يعتمد إسقاطها بشكل أساسي على النظام البطريركي (أي النظام الأبوي السلطوي) Patriarchy، وبشكل ثانوي على الحكم عمومًا.
على عكس أعمالها الأخرى، الإله يعلن استقالته مثلًا، لم تقدم السعداوي في رواية “سقوط الإمام” نقدًا دينيًا أو ما يمس الدين بشكلٍ صريح، بل كانت تتحدث الرواية عن تماهي السلطة الدينية، سواءً في نظام الحكم الأبوي أو في النظام السياسي، وعلى ذلك احتوت في أجزائها على بعض الكلمات التي قيل إنها ترمز إلى “تطاول على الذات الإلهية”.
وعلى الرغم من أن الرواية لم تجد من يقف أمامها عند النشر الأصلي لها عام 1987، إلا أنها، وبعد ما يقرب من عشرين عامًا، مُنعت رسميًا من الأزهر الشريف وخرجت إحدى الحملات في معرض كتاب 2004 بالقاهرة لتمنع تداول الرواية، وغالبًا أن ذلك الحظر قد تأخر لتأخر شهرة السعداوي في الأوساط المصرية حينئذ.
منعت الرواية كذلك في معرض الخرطوم للكتاب عام 2017.
رواية وليمة لأعشاب البحر – حيدر حيدر
رواية “وليمة لأعشاب البحر” للأديب السوري حيدر حيدر نُشرت في بيروت وسوريا عام 1983، وهي رواية سياسية بشكل عام تدور احداثها في العراق والجزائر -وتحديدًا الثورة الجزائرية- يقود الرواية البطلان مهدي جواد وصديقته مهيار الباهلي، وكلاهما ينتميان لتنظيمات شيوعية تشن حرب عصابات على الحكومة العراقية، ولكن الحكومة العراقية تتمكن منهما في النهاية إلا أن بطلنا وصديقته يتمكنان من الفرار منهم والسفر للجزائر متخفيين ليعملا هناك بالتدريس، وكانت الجزائر حينئذ قد تحررت من الاحتلال الفرنسي.
وهنا تحدث المفارقة التي يظهر عندها معنى الرواية الحقيقي، وهو صعود المتطفلين مجددًا على قمة الهرم الاجتماعي الذي خلقه المستعمر، أولئك المتطفلون الذين لا علاقة لهم بأي نضال يصعدون مرة أخرى ليأخذوا محل المستعمر في قيادة الشعب.
وحتى الآن قد يتبادر لذهنك أن هذا العمل قد مُنع من التداول لأسباب سياسية بحتة، ككلامه عن أحد القادة العراقيين الذي “فضل عدم ذكر اسمه”.. والذي كان يذكره بالمستبد الذي أعدم العديد من الشيوعيين، ولكن الرواية كانت أشد البعد عن ذلك (إلا في سوريا) ولم يلتفت كثير لمعناها السياسي ولكن اهتموا أكثر بالشتائم الدينية بالرواية والتطاول الديني الذي استخدمه المؤلف في مواضع عديدة، وهذا ما جعل الأزهر يحظر الرواية ويكفر كاتبها، أما في سوريا فالأمر معقدٌ أكثر من ذلك، كان للكاتب مشاكل مع الحكومة السورية يقال إنها هي السبب الفعلي في منع روايته وكذلك منعه من دخول سوريا.
تعليقات
إرسال تعليق